موظف قضائي وضابط وجمركية متهمون بتسلم 240 مليون سنتيم لإلغاء مذكرة بحث صادرة في حق بارون مخدرات سمحت هيئة الحكم بغرفة الجنايات الاستئنافية بمراكش زوال أول أمس للمتهمين بتسلم رشوة من تاجر مخدرات بقيمة 240 مليون سنتيم، تحت وعد العمل على إبعاد اسمه من قوائم المبحوث عنهم وطنيا ودوليا، بركوب رحلة جلسة جديدة حدد موعدها نهاية الشهر الجاري (31 ماي) لتمكين هيئة الدفاع من تقديم الدفوعات وإتمام المرافعات. موظف بمحكمة الاستئناف بمراكش، ضابط شرطة متقاعد، مسؤولة بإدارة الجمارك بالعاصمة الاقتصادية البيضاء وتاجر بساحة جامع الفنا، شخصيات مهمة وأسماء وازنة توجد اليوم في قلب هذه «المعمعة» القضائية، بعد أن أجبرت تحت ضغط تداعيات القضية على الانزواء خلف أسوار السجن المحلي بناء على قرار النيابة العامة بمتابعتها في حالة اعتقال بتهم ثقيلة من عيار «الارتشاء واستغلال النفوذ والنصب وانتحال صفة نظمها القانون». هبت عواصف القضية في وجه المتهمين مع اعتقال تاجر مخدرات، من طرف أمن أكادير، يقبع اليوم داخل زنزانة بسجن فاس حيث يقضي عقوبة سجنية بثماني سنوات، على خلفية إدانته بالحيازة والاتجار بالمخدرات على الصعيد الدولي، ما جعله يقرر نهج «شمشون» وهدم الهيكل على رؤوس الجميع، ومن ثمة إدلائه باعترافات صادمة، أكدت تفاصيلها تسليمه لرشوة كبيرة للمتهمين كل حسب موقعه وكل حسب خدماته، لنزع فتيل مذكرة بحث وطنية من طريقه وسله من عثراتها، بعد أن ظلت تنغص عليه عمله وتضيق الخناق على تحركاته. اعترافات المعني، نسجت خارطة طريق كثيرة تلمس عبرها دروب المتهمين وفق تسلسل محكم قاده إلى ولوج ديوان الوكيل العام باستئنافية مراكش، دون أن يمسسه سوء ضدا على سطور مذكرتي البحث الوطنية والدولية الصادرة في حقه والتي تطالب برأسه لتورطه في تجارة المخدرات. أكد التاجر المدان أنه قد تعرف على الموظف بمحكمة الاستئناف، الذي كان يتولى مهمة حساسة بديوان الوكيل العام بها، بوساطة من ضابط الشرطة المتابع في القضية، والذي تعرف عليه بدوره عن طريق الموظفة بإدارة الجمارك بالبيضاء. اعترف التاجر بأنه قد ولج لديوان الوكيل العام، حيث ضرب له موعد مع الموظف الذي قدم له نفسه بصفته نائبا للوكيل العام، وتعهد بتجميد مذكرة البحث الصادرة في حقه وطمس معالمها، على أساس أن لكل مجتهد نصيب ولكل عمل أجر وثواب معلوم. مازاد في لف حبل التهمة والمتابعة حول أعناق المتهمين، هو إدلاء شقيق التاجر بشيكات بملغ 50 مليون سنتيم باسم ضابط الشرطة، وعقد سلف بقيمة 15 مليون سنتيم تحمل توقيع الموظف بمحكمة الاستئناف، قدمت كدليل على تسلمهما «الرشوة» وتثبت العلاقة بينهما وبين تاجر المخدرات الذي عرف بإدارته لشبكة متخصصة في الاتجار الدولي للمخدرات، تمتد فروعها ما بين البيضاءمراكش وشيشاوة. اعتقال هذا الأخير وإدانته بالعقوبة السجنية المومأ إليها، جعله يستشعر بأن المتهمين قد استغفلوه واحتالوا عليه في المبالغ التي تسلموها والمحددة في 240 مليون سنتيم بالتمام والكمال وفق تصريحاته، بعد إيهامه بقدرتهم على تنقية طريقه من أشواك مذكرات البحث الوطنية والدولية التي ظلت تعكر عليه صفو تحركاته وسكناته، وبالتالي ركوبه قطار «علي وعلى أعدائي». دخلت القضية نفق التحقيقات الماراطونية، انطلاقا من دهاليز الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وبعدها دروب قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة باستئنافية مراكش، لتحط الرحال بقفص الاتهام أمام غرفة الجنايات الابتدائية. الشوط الأول من المحاكمة، انتهى خلال دجنبر من السنة المنصرمة بإدانة المتهمين الأربعة وتطويق أعناقهم بعقوبات مختلفة، كان حظ الموظف بديوان الوكيل العام بمحكمة الاستئناف وضابط الشرطة المتقاعد ثلاث سنوات حبسا نافذا لكل منهما، وخصت موظفة مصلحة الجمارك بالدار البيضاء والتاجر بساحة جامع الفنا بسنتين حبسا نافذا في حق كل منهما كضريبة على لعبهما دور الوساطة. بعدها فتح الأظناء نافذة غرفة الجنايات الاستئنافية، أملا في استصدار حكم استئنافي يجب تبعات الحكم الابتدائي أو على الأقل التخفيف من وقعه في حدود دنيا، ليظل بعدها الترقب سيد الموقف في انتظار ما ستخلص إليه مجريات المحاكمة. إسماعيل احريملة