لم ينتظر ماجد الشجعي طويلا لفرض نفسه بالجزيرة الرياضية. بسرعة تصدر الشاشة وصار مايسترو البلاطو التحليلي إلى جانب التونسي هشام الخلصي. وإذ عرف ابن طانطان كيف يوقّع بأحرف بارزة على حضور متميز في نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة فإن لحظة تألق أرقى تنتظره بدءا من 11 يونيو موعد كأس العالم الأولى بالقارة السمراء... هنا إطلالة على مسار هذا الإعلامي المغربي. أثار انتباه المشاهدين إليه من طريقته في نطق الكلمات. ومن مبالغته في الحفاظ على مخارجها ورسم التعابير على وجهه الأسمر. يمطط الحروف حتى يبقى لها رنين في الآذان، ويجهد ليجد للعبارات ما ليست أحيانا تحتمل من معنى. ويسعى ليعطي الانطباع بالجدية. لذلك قيل فيه الكثير. فمن ناعت له بالكلفة والتصنع في التعليق، ومن واصف له بالاعتداد بالنفس حد الغرور، ومن وَاسِم له بالفصاحة والتمكن من لغة الضاد. غير أنه في كل هذا استطاع أن يعثر لنفسه على أسلوبه الخاص. على بصمة تثير الاختلاف حوله وتجعله مناط تباين في الآراء. هو نفسه سعى نحو تميز به يعلن عن ذاته. والبداية كانت من الإسم. فالشجعي العروسي ماء العينين تحولت بعد دخوله عالم التلفزيون من بوابة قناة عين السبع إلى ماجد الشجعي. كأن في إعادة التسمية ولادة جديدة، انبثاقة أخرى في طريق البحث عن الشهرة والذيوع. قد يتذكره البعض في بداياته واصفا رياضيا بإذاعة العيون الجهوية، أو مقدما لبرنامج ليلي عن الشعر والموسيقى بالمحطة نفسها. وسيذكر عشاق الأثير إسم العروسي على وجه التحديد، في "الأحد الرياضي" معلقا على مباريات كرة القدم، التي كانت تجري بملعب الغضف بعاصمة الأقاليم الصحراوية. الصوت هو الصوت، والجمع بين عالم الرياضة والفن على أمواج الإذاعة هو ما صاحبه أيضا على الشاشة الصغيرة. لكن ابن طانطان عرف كيف ينتقل من الإذاعة إلى التلفزيون.. أمضى فترة تكوين قصيرة بأحد معاهد الصحافة بالدار البيضاء، ثم خرج منه يحمل دبلوما في السمعي البصري. فألفى الطريق سالكا إلى داخل دوزيم. ولم يضيع كثيرا من الوقت. بعد تلمسه لمعالم العمل بقسم الإنتاج عثر على ما كان يبحث عنه من عنوان. فظهر هذا الوجه الصحراوي على الشاشة الصغيرة في برنامج المنوعات الفني "السهرة لكم". لم يُعط الشجعي كثيرا في هذا الموعد الفني، الذي كان يستقطب قبل حلوله به نسبة مشاهدة عالية. بدا في حلقات عدة متحذلقا وهو يُفذْلِكُ في القول محاورا ضيوفه. وكان التكلف والاصطناع السمة الغالبة على تنشيطه. وخلف الإعجاب بعربيته برز نفور من طريقته في الأداء. ولم يكن من الممكن أن يمضي بالأسلوب نفسه. إذ مع الوقت تبدى أن ثمة تعليمات له بالتخفيف من تصنعه في النطق ومن مبالغته في التنصيص على الحروف. مثلما تبدى أنه يغالب نزعة تسكنه.رد الفعل السلبي الذي خلفه مروره من "السهرة لكم" أثر بالسلب على صورته في التلفزيون، وألصق به صفة المتكلف في مجال يحتاج إلى العفوية والانشراح، لا إلى جدية ماجد وابتعاده حتى عن مجرد الابتسام. بيد أنه بالانتقال إلى القسم الرياضي سيطبع صورته القديمة ببعض التغيير. وسيتحرر من فذلكاته الشهيرة، ويفيد من تجربته الإذاعية في التعليق على مباريات البطولة، وسيتميز في وصف مقابلات كرة السلة أكثر. والحال أن ماجد الشجعي أكثر مقبولية في مجال لا يخلو من ديناصورات التصق جلدها بالكراسي وشاخت في عجزها. نزاهته المهنية وحسه الإنساني أنقذاه من أن يتحول إلى دركي يمنع الطريق عن المواهب الشابة ويُغرق نفسه في دهاليز القسم الرياضي. وحتى جديته نفعته في خلق حضور له في الموعد الأسبوعي "المجلة الرياضية"، الذي صارت له نكهة خاصة معه. وهو اليوم إذ يعلق شارة التميز في البرامج الإخبارية بالجزيرة الرياضية يكون قد كسب رهان النجومية في مغتربه التلفزيوني، وأجاد اللعب بورقة أن يكون مطلوبا في أشهر الفضائيات العربية، والمؤهل الأول عند هذا الإعلامي المغربي الشاب، إجادته للغة الضاد، واكتنازه لتجربة عشر سنوات يجرها خلفه في الإذاعة والتلفزيون تبدى أثرها بسرعة في محطة مفتوحة على التألق على نطاق عربي أوسع.