منظرها يبعث على الحسرة، ويحيل زائرها على جو من الكآبة النفسية التي لا تغادره، حتى إن فارق المكان. إحساس لا يعتري غير من ألف المكان، وزاره لحظات احتفاظه بعذرية التي افتضتها معاول الهدم، التي دكت تلالا من الرمال على طول الساحل الممتد من تسلل شاطئ طماريس 4 إلى غاية ساحل سيدي رحال، دون أن تقف أيادي السرقة عنده. هي منطقة ساحلية، تحمل أسماء الدواوير التي استوطنت مساكنها هذا الشريط، فَعُرِفَت بمنطقة «البراهمة» التي كانت كانت خاضعة فيما مضى لاقليمسطات، ضمن تقسيم ألحقها قبل عقود بولاية الشاوية، وغدت تابعة لعمالة حديثة النشأة عند تقسيم أخرج اقليمبرشيد إلى الوجود. لكن واقع الحال لم يتغير. هي الفوضى نفسها عندما كان “قصر” السلطة الاقليمية بعيدا عن جماعات وبلديات المنطقة، وهى الفوضى نفسها التي ازداد إيقاعها وتوالت عملياتها بعد تعيين عامل جديد لاقليم حديث النشأة، اعتبر واعدا بامكاناته الطبيعية، والصناعية. لكن أيادي العبث تواصل استنزافها للامكانيات الطبيعية للمنطقة، خاصة السواحل الشاطئية التي تغيرت الكثير من ملامحها بعد عمليات الاستنزاف المستمرة، والسرقات المتوالية لرمال الشواطئ التابعة لجماعة السوالم الطريفية وبلدية سيدي رحال الشاطئ. زيارة ميدانية ل «جريدة الأحداث المغربية» نهاية الأسبوع الماضي، كشفت عن نهب متواصل للرمال، انطلاقا من دوار «البراهمة بنعبيد» و«البراهمة لغفارة»، و«دوار حماد»، وغيرها من المناطق الواقعة على الشاطئ، التي ما أن يسدل الليل خيوطه على المكان، حتى تنشط فيه حركة نهب وسرقة الرمال. يظل درك سرية حد السوالم مكتوف الأيدي، يغض الطرف عن مقترفي السرقات الذين تتسبب رحلات شاحناتهم الليلية غير مأمونة العواقب في حصد أرواح مستعملي الطريق، نظرا للسرعة القصوى التي يسوقون بها، وانعدام مصابيح الإنارة، وحتى الترقيم لدى بعض هذه الشاحنات التي يشتغل مالكوها بمنطق “المافيات” العتيدة في الإجرام. وينضاف إلى تقاعس درك حد السوالم والسلطات المحلية بالسوالم الطريفية، تقاعس الدرك الملكي بسيدي رحال الشاطئ، الذي تكتفي عناصره بمتابعة الوضع، وتحرير بعض المحاضر، وإن اقتضى الحال تحرير متابعات تدرو الرماد في العيون، لكنها لا تحقق الزجر المطلوب حفاظا على رمال الشاطئ الذي قد لا يجد مرتادو رمال يسندون عليها أجسادهم عند الرغبة في التمتع بمياه الشاطئ. وكان مجلس النواب صادق على مشروع قانون يجرم أفعال سرقة ونهب رمال الكثبان الساحلية والرمال الشاطئية. وأوضح وزير العدل السابق محمد الطيب الناصري، لدى تقديمه للمشروع أمام أعضاء المجلس، أن مشروع القانون، الذي يندرج في إطار السياسة العمومية للدولة في مجال المحافظة على البيئة، يهدف بالأساس إلى معالجة ظاهرة استنزاف ونهب الرمال وفق مقاربة زجرية تتوخى سد الفراغ التشريعي القائم بشأن أفعال نهب وسرقة الرمال من الشواطئ ومن الكثبان الرملية الساحلية ومن أماكنها الطبيعية، وذلك من خلال تجريم هذه الأفعال في إطار الجنح المتعلقة بالأموال ضمن مقتضيات الفصل 517 من مجموعة القانون الجنائي. ويتوخى أيضا توسيع دائرة التجريم لتشمل كل من ساهم أو شارك في عملية سرقة الرمال، أو حاول ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصول 128 و129 و539 من مجموعة القانون الجنائي تفاديا للإفلات من العقاب، فضلا عن تعزيز الطابع الردعي للعقوبات من خلال إقرار العقوبات السالبة للحرية الواردة في الفصل 517 من القانون المذكور على فعل سرقة الرمال والتي يصل حدها الأقصى إلى خمس سنوات. كل هذه الإجراءات لم تساهم في أن تحافظ رمال السوالم الطريفية على استقرارها، حتى وإن لم تكن محلا لمقلع قانوني.