«غادي ناخدوا من شي ونزيدوه هنا نحن مرفق عمومي ويجب أن نقدم هذه الخدمة» كان هذا جواب مدير القناة الثانية سليم الشيخ عن ميزانية أفلام وثائقية ستتعزز بها شبكة القناة كل يوم آحد ليس في أي وقت بل في وقت الذروة. « لا يمكن أن تعثر في أي قناة عمومية بالعالم على برمجة تضع البرامج الوثائقية في برايم تايم وكان هذا قرارا جريئا، وتطلب شجاعة في الخط التحريري واخا قناة عمومية فهي تحتاج إلى مواد إشهارية للتمويل، وعادة بث الأفلام الوثائقية لا يحقق نسبة مشاهدة عالية، وهدف القناة من هذا التحدي توسيع نسبة المشاهدة لهذا الصنف السينمائي» يؤكد المسؤول عن هذه البرامج الوثائقية رضا بن جلون. بيد أن رضا لم يكن شجاعا بما يكفي لتقديم ميزانية بالأرقام، عما كلفته الأعمال الوثائقية سواء المنتجة من طرف القناة، أو المنتجة بشراكة مع شركات للإنتاج أو الأفلام المقتناة. لم يقدم أي جواب شاف، واكتفى بقوله «مخاصم مع الأرقام»، وبدلا من أن يكشف الرقم ولو كان ضعيفا، فضل الهروب إلى الأمام، وحكى طرفة وقعت له بباريس، حينما التقى مع المنتجين لمشروع برامج وثائقية عن تاريخ المسلمين واليهود، إذ يكلف ميزانية تصل إلى 1,7 مليون أورو، حاول إقناعهم بعقد شراكة من نوع خاص رمزية وسياسية، وعزف لهم على وتر أن دوزيم قناة متواضعة الميزانية، لا يمكن بأي حال مقارنتها مع الميزانيات الضخمة لقنوات مثل بي بي سي وأر تي، لكنها بالمقابل تبقى القناة الوحيدة بالعالم العربي والإسلامي بإمكانها أن تكون شريكا مهما في مشروعهم عن طريق فسح المجال أمام بثه. أتدرون ماذا كان جواب الطرف الآخر كما جاء على لسان بن جلون «هاد الفكرة ما عندها حتى معنى». جانب آخر مهم حسم رضا بن جلون أمر الجواب فيه بشكل نهائي ويهم أسلوب تعامل القناة مع المنتجين للأفلام الوثائقية. هل سيكون بالشكل نفسه غير الشفاف حسب وصف وزير الاتصال مصطفى الخلفي ( في برنامج للإقناع على ميدي 1 تي في ) مع شركات الإنتاج في الأعمال الدرامية وياقي البرامج الأخرى؟ بالقطع لا ولن تفتح القناة صنبور التمويل، وتوقع شيكا على بياض لأي منتج لينتج فيلمه الوثائقي، ويسلم الشريط جاهزا كاملا، تكتقي دوزيم ببثه «ويادار مادخلك شر» كما يقع في المسلسلات والأفلام التلفزية والأعمال الرمضانية. وحتى يكون كلام بن جلون عمليا، حكى في الندوة الصحفية المنظمة الثلاثاء الماضي لتقديم هذا الفتح البرامجي الجديد، بفندق روايال منصور قصة وقعت له مع مخرجة كبيرة فضل عدم الكشف عن اسمها، عقد معها اجتماعا وفي جعبتها العديد من المشاريع، تبدى الخلاف منذ أول وهلة بين الطرفين، المخرجة حضرت وهي تعتقد أن الاشتغال لن يخرج عن منهج التمويل من القناة، الإنتاج وبعدها البث، غير أن نائب مديرة الأخبار المكلف بالبرامج الإخبارية والوثائقية بن جلون فاجأها بمنهج جديد. ما هو هذا المنهج المغاير لمنهج باقي الأعمال الأخرى؟ المنهج يقوم في المقام الأول على دور تكميلي لقناة عين السبعو تكتفي فيه بتتويج مراحل أخرى سابقة، يجب على المنتج قطعها من خلال بحثها الشخصي على مصادر تمويل سواء لدى المركز السينمائي المغربي، أو لدى صنايق أخرى للتمويل « ونقول لمن يعول أن نوفر له الموارد المالية مائة في مائة لإنتاج فيلم وثائقي، أن الميزانيات لا نتوفر عليها» يشدد رضا بن جلون. وفي هذا الإطار وجه رضا دعوة إلى المواهب الشابة في مجال الأفلام الوثائقية، وعبر بشكل صريح أن القناة مستعدة لاحتضان هذه المواهب وكذا خريجي المعاهد والمدراس الخاصة في التكوين بالرباط ومراكش. تحت عنوان كبير «قصص إنسانية»، تنطلق الأحد القادم رابع مارس مسيرة الفيلم الوثائقي على دوزيم. ضربة البداية مع «شريط الحياة» للصحافية سمية الدغوغي، سلسلة بورتريهات عن شخصيات مغربية طبعت ولا تزال التاريخ المعاصر للمغرب، واختيار البورتريه الأول كان موفقا لاشتغاله على اسم كبير إدمون عمران المليح «أبو الحكي». تستغرق مدته 52 دقيقة وباللغتين العربية والفرنسية وتليه شخصيات أخرى جيلالي الغرباوي وسعيد اعويطة وفاطنة بنت حسين، وهدفه حسب بن جلون الاشتغال على الذاكرة لبناء المستقبل، ولا يمكن أن يتحقق بناء المستقبل دون الوقوف على الحاضر العودة إلى الماضي لمشاهدته «كل هذا يروم معرفة تاريخنا لصنع ذاكرة جماعية نحافظ عليها، ونضفي فيها القيمة التي تستحق» يضيف رضا. سلسلة وثائقية أخرى موسومة ب «رحلات» مع ليلي غاندي، سلسلة متميزة نسافر مع معدتها ومقدمتها ليلى غاندي إلى عوالم ثقافات وحضارت أخرى، نافذة نكتشف فيها جغرافيات بلدان أخرى، تقودنا ليلى بنت بطوطة كما يلقبونها إلى السينغال في أول حلقة، ونرحل معها بعدها إلى تركيا والبرازيل وكوريا الجنوبية.