نزل قرار هيئة الحكم باستئنافية مراكش بردا وسلاما على مجموعة الموظفين العموميين، المنتمين لمختلف الإدارات والمؤسسات الذين تمت متابعتهم في حالة اعتقال على خلفية تورطهم ضمن شبكة «مراسل الموقع الإخباري»، حيث تم تخفيض الأحكام السجنية التي سيجتهم ابتدائيا بمعدل النصف، ما منح أغلبهم إمكانية مغادرة أسوار السجن المحلي. فزوال يوم أمس الإثنين دخلت القضية منعطف الحسم في شوطها الثاني، بعد أن تابعها الرأي العام المحلي باهتمام كبير، بالنظر لحجم المتهمين ووضعهم الاعتباري كموظفين عموميين ينتمون لمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية انطلاقا من ولاية الجهة مرورا بولاية الأمن، ووصولا للمجالس الجماعية، تمت متابعتهم في حالة اعتقال لتورطهم في أفعال يجرمها القانون من عيار: «الغدر، استغلال النفوذ، الحصول على فائدة مالية في عملية كلف بتسييرها، الرشوة والوساطة فيها والمشاركة والمساهمة، الابتزاز والنصب وإفشاء السر المهني، والتدخل بغير صفة في وظيفة عامة». المتهم الرئيسي الذي دخل مستنقع القضية متدثرا بعباءة» مراسل موقع إخباري»، تم تخفيض مدة سجنه إلى 6 أشهر حبسا نافذا بدل 10 أشهر التي أدانته بها غرفة الجنح التلبسية بابتدائية المدينة. عنصر أمني برتبة مقدم شرطة يعمل بمصلحة الاستعلامات العامة بولاية أمن مراكش تم الاكتفاء بإدانته بثلاثة أشهر بدل ثمانية الصادرة في حقه ابتدائيا. موظف بالقيادة الجهوية للوقاية المدنية برتبة مساعد رفقة موظف يعمل بقسم حفظ الصحة ببلدية مراكش، تم تمتيعهم بدورهم بتخفيض الأحكام الصادرة في حقهما ابتدائيا وبدل من ستة أشهر اكتفت المحكمة بتسييجهم بثلاثة أشهر فقط،فيما حدد شهر واحد سجنا نافذا بدل أربعة أشهر لموظف جماعي يعمل بقسم التعمير بمقاطعة جيليز. باقي الأظناء الذين تمت متابعتهم في حالة سراح، ويتوزعون بين أربعة موظفين جماعيين تم الحكم عليهم بالبراءة، بعد أن سبق أن أحاط الحكم الابتدائي ثلاثة منهم يعملون بالمكتب الجماعي لحفظ الصحة بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة 1000 درهم لكل منهم، وتبرئة ساحة زميلهم الرابع وموظف بمصلحة الشؤون الداخلية بولاية جهة مراكش بقسم الرخص الاقتصادية. وترجع فصول القضية إلى شكاية تقدمت بها شابة يهودية نجلة مغني مشهور، أكدت من خلالها عن تعرضها لسلسلة من الابتزازات، والتي انطلقت مع شروعها في إنشاء مطعم بالمنطقة السياحية جيليز، وأشار عليها بعض معارفها الاستعانة بخدمات «المراسل الصحفي» لتسهيل استخراج الرخص والشواهد الخاصة بالمطعم، باعتبار توفره على علاقات عنكبوتية مشكلة من موظفي بمختلف الإدارات العمومية المعنية بهذا النوع من المعاملات (التصميم التعديلي، رخصة بيع المشروبات الروحية، وشهادة التصنيف). من يومها دخلت المشتكية دخولها ابتزاز لم تقو على الخروج منها، استباحت اموالها بطرق لا تخلو من ضغط، حيث حولها المتهم الرئيسي إلى «دجاجة تبيض أموالا»، وأجبرها على دفع مبالغ مسترسلة لتحصين محلها بالشواهد والرخص المطلوبة، مع إرغامها على أداء مبالغ لبعض الموظفين المعنيين لتسهيل استصدار الرخص، بعضهم لم يتردد بالظهور بوجهه مكشوفا لتسلم المبالغ، وبعضهم الآخر كان يتسلم المبالغ المطلوبة من خلف ستار واتخذ من «المراسل» وسيطا وجسرا لتمرير العملية. آخر مسمار سيدق في نعش هذا الاستنزاف كان مطالبة جديدة بدفع مبلغ مالي إضافي، الأمر الذي أدخل الشك والريبة في نفس صاحبة المطعم، واعتبرت نفسها ضحية استغلال متواصل خصوصا في ظل عدم توصلها بأي بارقة أمل تشعرها بأن ملفها في الطريق الصحيح. النيابة العامة «لم تكذب في عيطة» حين توصلها بالشكاية، فسارعت بتلبية استغاثة المستثمرة الشابة لتدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط قصد إحاطة أقوال الضحية بالمتعين من إجراءات، للإيقاع بالمتهم متلبسا بالجرم المشهود، وبالتالي توثيق الأرقام التسلسلية للأوراق المالية قيمة المبلغ المطلوب، لتحملها المشتكية وتتوجه للمكان الذي حدده المشتكى به قصد تسليمه المبلغ المطلوب، محاطة بحراسة سرية من بعض عناصر الفرقة الوطنية وعناصر من المصلحة الولائية للشرطة الشرطة التي تم انتدابها للإشراف على العملية. خطة أتت ثمارها ومكنت من اعتقال المتهم متلبسا بالجرم المشهود، وأطلقت رياح تحقيقات مارطونية هزت تداعياتها أركان بعض المؤسسات العمومية بالمدينة، بعد أن لوح هذا الأخير بأصابع الإتهام اتجاه الموظفين المومأ إليهم، وتأكدت أقواله تقنيا من خلال تتبع خيوط المكالمات الهاتفية المسجلة بهاتف الضحية و التي أجرتها مع «المراسل» وبعض المتهمين من الموظفين، وصولا إلى بعض المشاهد الموثقة بكاميرا المراقبة. إسماعيل احريملة