صادق مجلس جهة مراكشآسفي بإجماع أعضائه الحاضرين (70 من أصل 76 مجموع أعضاء الجهة) بدون مناقشة على النقطة المدرجة بجدول أعمال دورة مارس العادية الخاصة بمعاوضة المقر الحالي للجهة بمقاطعة سيدي يوسف بن علي بعقار في ملكية المجلس الجماعي، يوجد بملتقى شارع محمد السادس وطريق أمزميز – الشريفية ويمتد على مساحة تتراوح ما بين 4000 و5000 متر مربع، لإنجاز مقر جديد للجهة بدعوى أن المقر الحالي «لم يعد يستجيب لانتظارات الجهة المنصوص عليها في القانون التنظيمي الجديد المتعلق بالجهات». العارفون بخبايا الأمور وما يجري ويدور بالمجالس المنتخبة بمراكش، لم يخفوا استغرابهم لهذه «التخريجة» التي ألبست العملية لبوس «المعاوضة»، مع طرح السؤال حول عدم تسمية الأشياء بمسمياتها وتجنب التنصيص بصريح العبارة على عبارة «التفويت»، لكون العقار البديل يدخل ضمن أملاك الجماعة الحضرية، ومبدأ «المعاوضة» يفرض أن يكون طرفا المعادلة يمتلكان العقارات المراد «معاوضتها»، الشرط الغير متوفر في هذه العملية. التباس خلق مساحة من التوجس في صفوف المتتبعين، ووسع دائرة الخوف من أن ينتهي المشروع بإعادة إنتاج نفس الاختلال الذي واكب إنجاز المقر الحالي لمجلس الجهة المراد «معاوضته»، وما عرفته العملية من خروقات وفضائح سارت بذكرها الركبان. كانت البداية على عهد مرحلة التسيير الممتدة ما بين (2006 و2009)، حين تفتقت عبقرية «قبيلة المنتخبين» على مشروع لبناء مقر لمجلس الجهة، تحول إلى شريان نازف في خاصرة المال العام، بعد أن انقشع غبار المشروع عن صفقة أو بالأحرى صفقات غاية في العبثية تم تجسيدها من خلال صفقة اقتناء عقار لبناء المقر الموعود من مصالح المجلس الجماعي، بطريقة «مبتكرة» تنص على «الاقتناء» بواسطة «معاوضة بأشغال». قامت مصالح المجلس الجماعي بتفويت جزء من البناية التي تحتضن مقر مقاطعة سيدي يوسف بن علي لمصالح الجهة بمبلغ إجمالي قدره مليار و150 مليون سنتيم، على أن يخصص المبلغ لإنجاز بعض التجهيزات بالمقاطعة ذاتها، حيث يتكفل مجلس الجهة بتمويل وإنجاز المشاريع المومإ إليها في حدود المبلغ المخصص لاقتناء العقار. صفقة عرجاء بكل المقاييس بالنظر لعدم توفر مجلس الجهة على أقسام تقنية ومصالح باستطاعتها التكفل بتتبع هذا النوع من الأشغال خلال عملية الإنجاز، فكان أن تطوعت مصالح الولاية بالتكفل بكل عمليات الإنجاز، علما بأن زيارة مقر المقاطعة حينها من طرف قضاة المجلس الجهوي للحسابات أكد استحالة تقسيمه لتخصيص فضاء لمقر الجهة المفترض، فيما بينت الزيارة الميدانية لمختلف الأزقة والشوارع التي لهف ترصيفها كامل مبلغ اقتناء العقار، «وفوقه» مبلغ إضافي فاق ال100 مليون سنتيم، التدهور العام لعمليات الترصيف التي أبرمت صفقاتها في أوقات متقاربة، مع فرق كبير في أثمنة المتر المربع للترصيف الواردة بمختلف هذه الصفقات. أزيد من 800 مليون سنتيم، تم إنفاقها تحت ذريعة تأهيل قاعة الاجتماعات، لتنفجر ذيول «الهمزة» عن معلومة صادمة من طرف المجلس الأعلى للحسابات من خلال التأكيد في تقريره الصادر سنة 2010 بأن القاعة العجيبة «لم تكن تحتاج لأي تأهيل يذكر»، وبالتالي فصرف كل هذه المبلغ الفلكي لا يخرج عن نطاق «فلوس اللبن..». وحتى تتسع مساحة العبث، فإن صفقة إنجاز عملية التأهيل، قد أسندت ظاهريا لشركتين مختلفتين، ليكشف بعدها أن كناش التحملات تم توقيعه من مسير واحد للشركتين، كما تم تجزيء «الصفقة» إلى ثلاث صفقات تفاديا لمسطرة التدقيق المفروضة على الصفقات التي تتعدى مبلغ 5 ملايين درهم، وتتطلب مصادقة سلطة الوصاية. اختلالات وتجاوزات بقيت بعدها خارج تغطية أي مساءلة أو محاسبة، ليأتي قرار مجلس الجهة الجديد بالتصويت على مشروع إحداث مقر جديد بمواصفات «باذخة» ملتفا بعباءة «معاوضة العقار» المومإ إليه ببقعة في ملكية الجماعة الحضرية، معيدا للأذهان كل ما حبلت به عملية إحداث المقر السابق من مظاهر العشوائية في تدبير الشأن المحلي بجهة مراكش، وما تم تسجيله من عبثية في صرف المال العام بلغت – وفق ما انتهى إليه تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات – حد السفه. إسماعيل احريملة