ما تكاد جذوة الاحتجاجات ضد ارتفاع منسوب فواتير الماء والكهرباء تخبو بمراكش، حتى تشتعل من جديد وبشكل أقوى، ما جعل موظفي العديد من وكالات «لراديما»، يجدون أنفسهم محاصرين بسيل جارف من المحتجين. فمباشرة بعد نجاح السلطات المحلية في شخص والي الجهة، في تطويق الاحتجاجات عبر اتخاذ سلسلة من المبادرات، عقب اللقاء الأخير الذي جمع بمقر الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، ممثلين عن المحتجين ومدير المؤسسة، بإشراف الكاتب العام للولاية، حتى انطلقت شرارة الاحتجاجات من جديد. أسباب نزول الاحتجاجات مرة أخرى، تعود إلى نهج «لراديما» سياسة «تفياق الحمق، بضريب الحجر»، حين لم تعمل بعد نجاح الحوار الأخير، في سحب شكاياتها المقدمة ضد بعض المحتجين للمصالح القضائية، تتهمهم من خلالها بعرقلة سير العمل ببعض الوكالات التي تمت محاصرتها طيلة أيام، ماكبدها خسائر مالية جسيمة. بعودة المحتجين إلى منازلهم، واطمئنانهم لوصول صوتهم، مع اتخاذ مجموعة من التدابير الجريئة، التي ساعدت في تلطيف الأجواء وإخماد الاحتقان، سيشرعون في التوصل باستدعاءات من الهيئات القضائية، للاستماع إلى إفادتهم حول مضامين شكايات المؤسسة المذكورة. وقائع اعتبرها المعنيون بمثابة» ضحك على ذقونهم»، ودليل على محاولة الاستفراد بهم كل على حدة، لإجبارهم على دفع فاتورة مواقفهم اتجاه «الراديما»، ما جعل نار الغضب تسري بين المعنيين، ويقررون في حمأة الإحساس ب»الحكرة» ،العودة إلى احتلال شوارع المدينة، وتنظيم اعتصامات ومسيرات حاشدة، للتنديد بسياسة الوكالة المستقلة، مع الرفع في إطار التحدي من سقف المطالب. المطالب الجديدة التي رفعها آلاف المحتجين، الذين توزعوا على بعض الوكالات المبثوثة على طول فضاءات المدينة ( قشيش، سيدي يوسف بن علي..)، وشاركت فيها ساكنة مجموعة من الأحياء والمناطق، مع تنظيم مسيرة اتجاه مبنى الولاية، دخلت خانة الراديكالية، حين اتفق الجميع على رفع مطلب، إلغاء أداء واجبات جميع الفواتير التي أثارت موجة الاحتجاج، خاصة منها تلك المتعلقة بشهور يوليوز وغشت وشتنبر، والتوقف عن العمل بنظام الأشطر بشكل نهائي، مع ضرورة رحيل مدير المؤسسة باعتباره من يتحمل بشكل مباشر، مجمل الاختلالات التي عرفها تدبير هذا الصرح الحيوي. مطالب تم تذييلها بعبارة «مامفاكينش» في إشارة إلى إصرار المحتجين، على الاستمرار في احتلال شوارع المدينة، إلى حين الاستجابة لمطالبهم، ما يؤشر على أن الأمور تسير في اتجاه التصعيد، خصوصا في ظل ترديد الجهات المسؤولة لتصريحات، تؤكد أن مجمل هذه المطالب تقع خارج دائرة اختصاصاتهم، وتبقى مرهونة بقرارات مركزية. الأجهزة الأمنية وجدت نفسها من جديد، محصورة في زاوية ضيقة، وهي تحاول مواكبة موجة الغضب الجماهيري الجديدة، تفاديا لأي انزلاقات أو انحرافات من شأنها التأثير على أجواء أمن المدينة واستقرارها، وعملت على تجنيد عناصرها لمتابعة الوضع عن كثب، ولسان حالها يردد «الله يخرج الطرح بخير والسلام». اسماعيل احريملة