على مر الأزمنة، ظلت العلاقات المغربية الروسية عريقة ومتميزة يسمها الاحترام التبادل والإرادة في أن تكون نموذجا لتعاون فعال بين قوة عظمى ودولة صاعدة، قوية بتاريخها التليد، ومتميزة في محيطها الاقليمي بالاصلاحات السياسية والاقتصادية الهامة التي اعتمدتها وجعلتها مثابة للأمن والاستقرار في محيط مضطرب. وتعود العلاقات بين المغرب وروسيا إلى العام 1777 عندما اقترح السلطان سيدي محمد ابن عبد الله على الأمبراطورة الروسية كاثرين الثانية إقامة علاقات بين البلدين والشروع في المبادلات التجارية بين الامبراطوريتين. وفي نوفمبر 1897 تم افتتاح قنصلية روسية في طنجة، وذلك قبل أن يقيم البلدان علاقات دبلوماسية بينهما في شكلها الحديث وتفتتح روسيا في 1 سبتمبر 1958 سفارة لها في الرباط. وعلى الرغم من الاختلافات في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في كلا البلدين خلال تلك الفترة، حافظ البلدان على علاقات سياسية قوية سمتها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكليهما. كما تميزت هذه العلاقات بتبادل الزيارات على أعلى المستويات، حيث زار المغفور له الحسن الثاني موسكو مطلع الستينات من القرن الماضي، فيما قام الزعيم السوفياتي الراحل ليونيد بريجنيف بزيارة للمغرب. وكانت زيارة المغفور له الحسن الثاني في أكتوبر 1961 تم خلالها إجراء مشاورات سياسية تناولت بالخصوص القضايا الثنائية والعربية، وتم التأكيد بالمناسبة على الأهمية التي يمثلها الاتحاد السوفياتي كحليف هام للعالم العربي. ولم تحل الاختلافات الاديلوجية بين المغرب وروسيا في أن يعزز البلدان شراكتهما، ويطورا على مر السنين علاقات متينة ومربحة للطرفين في مختلف المجالات. وقد تم وضع الإطار القانوني لهذه العلاقات الثنائية في أواسط ستينيات القرن الماضي من خلال التوقيع على عدد من الاتفاقيات تهم أساسا التعاون الاقتصادي والتقني والعلمي والثقافي وفي مجالات التجارة والنقل الجوي والصيد البحري وغير ذلك. وواصلت هذه العلاقات قوة دفعها المتينة بعد زوال الاتحاد السوفياتي في 30 ديسمبر 1991 وحلول روسيا محله كوريث اقتصادي وسياسي للامبراطورية السابقة، سواء إبان حكم الرئيس الراحل بوريس يلتسين أو الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، إذ حافظت علاقات البلدين على وتيرة نمو ثابتة وراسخة وشهدت دينامية جديدة أصبحت خلالها المملكة المغربية أحد الشركاء الاستراتيجيين للفيدرالية الروسية في العالم العربي وفي إفريقيا. وكانت واحدة من أبرز محطات هذه العلاقات هي زيارة جلالة الملك محمد السادس الرسمية لروسيا في أكتوبر 2002 والتي تم خلالها التوقيع على إعلان الشراكة الاستراتيجية التي تشمل بالإضافة إلى التعاون في مجالات التجارة وتكنلوجيا المعلومات والصيد البحري، توقيع اتفاق هام للتفاهم بين المجموعة الروسية روسكوسموس والمركز الملكي المغربي للاستشعار الفضائي، والمركز الملكي للدراسات الفضائية بالمغرب في مجالات استخدام الفضاء الخارجي لأغراض سلمية. كما تناول إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والذي تم توقيعه بعد الأحداث الارهابية ل 11 سبتمبر 2001 محاربة الإرهاب بجميع أشكاله، وبذلك يعبر البلدان عن إصرارهما مواجهة هذه الآفة التي أصبحت ظاهرة الأزمنة الراهنة مع توالي غياب الاستقرار والأمن وتفاقم الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط مع سعي تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية لتمديد نفوذهما في المنطقة. ومنذ زيارة جلالة الملك محمد السادس لموسكو في 2002 والتوقيع على إعلان الشراكة الاستراتيجية تعززت المشاورات السياسية والتعاون الاقتصادي والبرلماني بين البلدين، وعرفت العلاقات تطورا هاما. ومن جهته قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة عمل للمغرب في 7 سبتمبر 2006 تلبية لدعوة من جلالة الملك، وأتاح تبادل الزيارات بين قائدي البلدين تضاعفا في العمل الديبلوماسي والاتصالات سواء على مستوى وزارتي خارجية البلدين، أو على مستوى التنسيق في المؤسسات الدولية. وعمل البلدان على تقوية التنسيق وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والوطنية والدولية ذات الاهتمام المشترك بينهما مؤكدين بذلك تطابق مواقفها إزاء قضايا الأمن والسلم الدوليين. وبدوره شهد التعاون البرلماني بين البلدين طفرة نوعية مع تبادل الزيارات بين رئيسي البرلمان وإقامة حوار واتصالات دائمة بين النواب والمستشارين في كل من المغرب وروسيا، استهدفت الاطلاع المتبادل على مواقف البلدين في المجال التشريعي والقضايا التي تهم الطرفين. كما أعربت روسيا عن اهتمامها بطريقة تدبير المغرب للشأن الديني بفضل إسلام التسامح والوسطية الذي ينهجه بقيادة جلالة الملك أمير المؤمنين، ذلك أن روسيا التي توجد بها ساكنة من 25 مليون مسلم مستقرة أساسا في القوقاز تعتبر أن المغرب خطا خطوات هامة في مجال صيانة الحقل الديني والنأي به عن التطرف والأفكار الدخيلة والتيارات الهدامة التي تستغل الدين لأهدافها. وتعتبر تجربة المغرب جد هامة في هذا الظرف الدقيق بالذات وفق تصريحات عدد من المسؤولين الروس لوكالة المغرب العربي للأنباء بالنظر للتحديات المطروحة في مختلف المناطق من العالم العربي وافريقيا الى اوربا، وذكروا في هذا السياق الدور البارز الذي تضطلع به مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة والتي تستهدف نشر قيم إسلام التسامح والاعتدال والوسطية. هذا وتفتح ثاني زيارة رسمية يقوم بها جلالة الملك محمد السادس لروسيا آفاق جديدة لتقوية وتعزيز الشراكة المغربية الروسية، كما تترجم الإرادة السياسية الراسخة للرباط وموسكو في المضي قدما لإعطاء مدلولات قوية للشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين. جرد بأهم اتفاقيات التعاون الموقعة بين المملكة المغربية وفيدرالية روسيا في ما يلي جرد بأهم اتفاقيات التعاون الموقعة بين المملكة المغربية وفيدرالية روسيا، منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش 29 نونبر 1999 – التوقيع بموسكو على اتفاقية للتعاون في الميدان الفلاحي تهم مجالات البحث الزراعي والغابات والري والتحكم في المياه. 15 أكتوبر 2002 – جلالة الملك والرئيس الروسي يترأسان بمقر الكرملين حفل التوقيع على إعلان الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية وفيدرالية روسيا. كما ترأس القائدان مراسيم التوقيع على عدد من الاتفاقيات القطاعية ويتعلق الأمر ب : – اتفاقية تعاون بين الفيدرالية المغربية لغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرفة التجارة والصناعة لروسيا الاتحادية. – مذكرة تفاهم بين الوكالة الروسية للطيران والفضاء والمركز الملكي للاستشعار الفضائي عن بعد والمركز الملكي للدراسات والأبحاث الفضائية. – اتفاقية تعاون في مجال البريد والاتصالات وتكنولوجيات الإعلام. – اتفاقية تعاون في مجال الصيد البحري. – اتفاقية تتعلق بإلغاء التأشيرات على الجوازات الدبلوماسية وجوازات الخدمة. 19 أبريل 2004 – التوقيع بموسكو على اتفاقية للتعاون بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب واتحاد الصناعيين والمقاولين بروسيا. 20 أكتوبر 2005 – التوقيع على بروتوكول للتعاون بين مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) والمجلس الفيدرالي لروسيا (الغرفة العليا للبرلمان الروسي). 8 يونيو 2006 – التوقيع بموسكو على اتفاقية بشأن تشكيل مجلس الأعمال الروسي المغربي الذي سيعمل في إطار مجلس الأعمال الروسي العربي. 7 شتنبر 2006 – التوقيع بالقصر الملكي بالدار البيضاء على عدد من اتفاقيات التعاون بين المغرب وروسيا تهم قطاعات العدل والصيد البحري والسياحة والثقافة والاتصال والزراعة والتربية البدنية والصحة والقطاع البنكي. 24 يوليوز 2008 – التوقيع بموسكو على اتفاقية تعاون وشراكة بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير و"اللجنة الروسية لقدماء الحرب والخدمة العسكرية". 6 نونبر 2009 – التوقيع بمقر الجماعة الحضرية لمدينة سلا على اتفاقية شراكة وتعاون بين جمعية "كادم" للمعارض الدائمة لمنتجات فدرالية روسيا بالمغرب والجمعية الرياضية السلاوية (فرع كرة القدم). 4 مارس 2010 – التوقيع بالرباط على البرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون الثقافي المبرم بين وزارة الثقافة بالاتحاد الروسي ونظيرتها بالمملكة المغربية، والذي يهدف إلى تنمية وتقوية التعاون الثنائي في مختلف مجالات الثقافة والفن والأدب. 18 مارس 2010 – التوقيع بموسكو على عقد برنامج بين المكتب الوطني المغربي للسياحة ووكالات أسفار روسية، تعد من بين العشر الأوائل ضمن لائحة الوكالات الأكثر حضورا في السوق الروسية المختصة، للترويج للوجهة السياحية المغربية في مختلف المدن الكبرى بروسيا الفيدرالية. 3 يونيو 2010 – التوقيع بموسكو على تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب وروسيا بعد تلك التي كانت تربط بينهما عن الفترة (1995-1998). 12 نونبر 2010 – التوقيع بالمحمدية، على وثيقة تفاهم بين المجلس البلدي لمدينة المحمدية والجماعة المحلية لمدينة نغينسك، لتعزيز التعاون بين الطرفين . 29 يناير 2011 – التوقيع بالقنيطرة على بروتوكول تعاون بين "الجمعية المغربية للعناية بالآثار والفن والثقافة" والمركز الثقافي الروسي في الميدان الثقافي. 17 مارس 2011 – التوقيع بموسكو على مذكرة تفاهم بين شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية وشركة "أيروفلوت " للنقل الجوي الروسية ، تروم بالأساس تعزيز الشراكة والتعاون بين المؤسستين في مجال النقل الجوي. 17 أكتوبر 2011 – التوقيع بالرباط على مذكرة تفاهم بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير واللجنة الروسية لقدماء المحاربين، أكتوبر 2011 – التوقيع بالرباط على اتفاقية إطار للشراكة بين الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج والدار المغربية للتجارة والثقافة في سان بطرسبورغ بروسيا، من أجل المساهمة في التقريب بين الجاليتين المغربية والروسية من خلال تعزيز وتقوية الحوار بين الثقافات. 10 دجنبر 2012 – التوقيع بالرباط على مذكرة تفاهم حول الاتفاق الجديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا. 14 فبراير 2013 – التوقيع بأكادير، على اتفاق جديد للتعاون بين المغرب و روسيا في مجال الصيد البحري لفترة تمتد لأربع سنوات، وهو الاتفاق السادس من نوعه منذ 1992. 4 دجنبر 2013 – التوقيع بالدار البيضاء على مذكرة تفاهم بين الجمعية المغربية للمصدرين ومجلس الإفتاء الروسي تتوخى تنمية سوق المنتجات والخدمات الحلال. – التوقيع بالدار البيضاء على مذكرة تفاهم بين غرفة التجارة والصناعة والخدمات لكل من مدينتي الرباط وليبتسك (روسيا)، في إطار تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما. 10 يونيو 2014 – التوقيع بموسكو على اتفاقية تعاون استراتيجي بين "التجاري وفا بنك" والمجموعة البنكية الروسية "في تي بي"، وذلك على هامش المنتدى الاقتصادي "المغرب شريك استراتيجي لروسيا". – البنك المركزي الشعبي يوقع اتفاقين للشراكة الاستراتيجية مع اثنين من أكبر الأبناك الروسية هما "سبيربانك" و"ألفا بنك" وذلك على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي المغربي-الروسي المنظم بموسكو في موضوع "المغرب شريك استراتيجي لروسيا".