بعد حوالي سنة ونصف من اعتماد مدونة السير الجديدة، مازالت حوادث السير تحصد أرواح المغاربة. الإحصائيات الأخيرة بخصوص عدد قتلى الطريق وحوادث السير عليها المرتبطة بسنة 2011 ارتفعت إلى حوالي 4066 قتيل وهو ما يعني ارتفاعا في نسبة الحوادث بنسبة 11,60 في المائة مقارنة مع سنة 2010. وإذا كان عدد القتلى قد سجل ارتفاعا ملحوظا، فإن نسبة المصابين بجروح خطيرة أو متفاوتة الخطورة ارتفعت بدورها، حيث تم تسجيل رقم 12500 ضحية، منها نسبة كبيرة من الأشخاص الذين فقدوا أعضاء حيوية أو أصيبوا بعاهات مستديمة. مستعملو الطريق يكونون بذلك قد سجلو رقما قياسيا مأساويا جديدا بتسجيل هذه الأرقام المرعبة، في الوقت الذي كان من المفروض أن تعرف هذه الأرقام انخفاضات مهمة بالنظر إلى المقاربات الزجرية التي حاولت ردع المتهورين من مستعملي الطرقات الوطنية. تحصد حوادث السير يوميا بالمغرب، أكثر من عشرة قتلى وتكبد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة، تقدر بأزيد من عشرة ملايير درهم أي قرابة 2,5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ورغم تنظيم العديد من الحملات التحسيسية لتوعية مستعملي الطريق بمخاطرها، وتقوية الترسانة القانونية بهدف الزجر، تبقى الطرق المغربية من بين الأخطر عبر العالم. واعتمادا على الإحصائيات الخاصة بحوادث السير في سنة 2011، يلاحظ أن جهة الدارالبيضاء الكبرى تسجل أكبر نسبة في عدد حوادث السيرعلى صعيد المملكة، تليها جهة الرباطسلا زمور زعير، ثم جهة مراكش تانسيفت الحوز، وجهة طنجة تطوان، ويأتي في الصفوف الأخيرة خلال السنة نفسها، كل من جهة العيون ثم كلميمالسمارة ، وأخيرا جهة واد الذهب. وتتمثل المخالفات الخطيرة التي تعتبر العوامل الرئيسية لحوادث السير الجسمانية، في عدم احترام تحديد السرعة والزيادة في الحمولة التقنية لعربات النقل العمومي للمسافرين والبضائع وتردي الحالة الميكانيكية للعربات وعدم استعمال حزام السلامة وعدم احترام الإشارات الأفقية وخاصة التجاوز المعيب، وكذا عدم احترام إشارة قف وحق الأسبقية. كما أن الملاحظ، كون أخطر حوادث السير تحدث في المناسبات وأيام العطل، وتتسبب في غالبيتها حافلات نقل المسافرين التي تودي بحياة العشرات دفعة واحدة. ويعزو بعض المهتمين بالشأن الطرقي، هذا الارتفاع المهول في حوادث السير في صنف الحافلات، إلى رغبة بعض المهنيين في المناسبات التي تشهد فيها حركة المسافرين ضغطا كبيرا، في جني ربح كبير، وبالتالي يستقدمون سائقين غير مؤهلين وليست لهم خبرة طويلة في هذا المجال، ويسلمونهم مقود حياة المئات من الأرواح البشرية.