حينما خامرتها فكرة مراسلة العائلة الأولى بالولايات المتحدةالأمريكية، كانت نادية ميرجانة الأشهب، ذات الأصول المغربية الأمريكية، تعتقد حقا أن باراك أوباما، وزوجته ميشال، وابنتيهما ساشا وماليا، سيجدون أنفسهم في الشارع عند مغادرتهم للبيت الأبيض في أفق الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة في يناير 2017. هذا ما استخلصه ذهن الصغيرة، البالغة من العمر سبع سنوات، والقاطنة ولاية فيريجينا، وهي تتابع مجريات الانتخابات الأولية للمترشحين للرئاسة، ولا تفقه فيها شيئا سوى أن مغادرة أوباما وأفراد عائلته للبيت الأبيض باتت وشيكة. ولما أرادت أن تفك بعض "ألغاز" الكبار، توجهت نادية ميرجانة الأشهب بالسؤال لوالدها عزوز، صاحب مطعم، الذي وكي لا يثقل كاهلها بكلام كبير، أجابها جوابا خفيفا مرحا قائلا لها إن الغاية من «صراعات الديكة» هذه على الطريقة الأمريكية، هو تحديد الساكن الجديد للبيت الأبيض. الصغيرة ردت عليه مستنكرة :«لكن بابا، لدينا رئيس وهو لطيف!». ثم، سيذهب تفكيرها رأسا إلى مآل ابنتي باراك أوباما بعدما ترحل العائلة عن المنزل الرئاسي. أين سيذهبون؟ هل لديهم منزل ثاني للاستقرار فيه؟ هل سيأويهم أحد؟. وتتناسل الأسئلة في ذهن الصغيرة وتستبد به، بل إن معظمها ظل دون جواب مقنع بعدما فشل الأب عزوز في مجاراة ليس فضول وإنما الانشغال الأكيد لطفلته بشأن مستقبل العائلة الرئاسية. الصغيرة، ذات القلب الكبير، قررت أن تقترح على العائلة الإيواء. وهو ما أعلنته لوالدها، الذي لم يجد بدا من مجاراتها في فكرتها. وهكذا، تمت كتابة رسالة بمضمون الدعوة، وختمها وبعثها بريديا إلى عنوان البيت الأبيض. وقد كان بالإمكان أن تبلغ هذه الفكرة الجميلة هذا الحد فقط وتنتهي عنده. كان هذا محتملا بل أكيدا في أمكنة أخرى من العالم، وليس في بلد العام سام، الذي انبنى على حلم وكرس تميزه بأنه بلد تتحقق فيه الأحلام الأكثر جنونا حتى وإن كان مصدرها طفلة. فباراك أوباما، الذي تأثر بتضامن الصغيرة وقلبها المضياف، أخذ قلمه، وخط بتاريخ 29 يناير 2016 رسالة رئاسية ضمنها شكره واعترافه لنادية ميرجانة. وذلك، لأجل أن يبرز للأجيال الصاعدة، وفق تعبير الرئيس ال44 للولايات المتحدةالأمريكية ضمن رسالته المخطوطة بخط اليد، أن «لا شيء صعب المنال عمن يحلم ويغذي حلمه وسينده بالعمل الشاق». الرسالة أو بالأحرى الرد الرئاسي على اقتراح الطفلة المغربية الأمريكية، نادية ميرجانة الأشهب، أخذت مكانها اللائق، بعد أن بروزها الأب عزوز ووضعها بقلب الصالون كي تظل كلمات رئيس أقوى بلد في العالم نبراسا للصغيرة وتقوي أجنحة حلمها لتحلق عاليا وهي متأكدة أن كل حلم يمكن أن يصبح حقيقة.