انطلقت المسابقة الرسمية للفيلم القصير ضمن فعاليات الدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم يوم أمس السبت بقاعة سينما روكسي بعرض فيلمي "عبد الشر" لمحسن نظيفي، وفيلم " مشروع – ت" لخالد الضواش. لم يتمكن المخرج الشاب محسن نظيفي من حضور العرض الرسمي لفيلمه وتقديم عمله أمام جمهورروكسي، نظرا لانشغاله بتصوير فيلم تلفزيوني، لينوب عنه في هاته المهمة السيناريست دافيد فيلومان الذي ساعده في كتابة السيناريو الخاص بهذا الفيلم. اختار محسن نظيفي قضية الفساد بكل أنواعه السلطوي والأخلاقي، ليكون الثيمة الرئيسية التي يشتغل عليها، من خلال قصة عميد شرطة فاسد – يؤدي دوره الفنان إدريس الروخ-، يستغل حاجة شابة – هناء كشلاف- إلى عمل، ويحاول ابتزازها جنسيا، قبل أن يرسلها إلى العمل في منزل ابن ضابط كبير مستهتر- يجسد شخصيته أنس الباز-، يحاول بشتى الطرق إقناعها بإقامة علاقة جنسية معه، غير أن صدها المتكرر، سيكون وراء اعتدائه عليها بالضرب في أحد الأيام قبل أن يقدم على اغتصابها بهدف إذلالها. ستنقلب حياة عميد الشرطة رأسا على عقب عندما ستزوره سيدة جمعته بها علاقة غير شرعية في الماضي- تؤدي دورها نادية النيازي- لتخبره أن الفتاة التي قدمها كهدية لابن الضابط الكبير تكون ابنته، وهو الاعتراف الذي سيجعل مصائر العميد وابن الضابط والفتاة المغتصبة تصطدم ببعضها البعض، ويلقي بهم في دوامة الانتقام. رغم الرسائل القوية التي حاول المخرج تقديمها من خلال الفيلم الذي تبلغ مدته 20 دقيقة ، إلى جانب تمكنه من أدواته الفنية والتقنية، إلا أن كثرة الأحداث حملت هذا العمل ما لا يحتمله، وخلقت نوعا من التشويش في ذهن المتلقي، في الوقت الذي يفترض فيه أن يقدم الفيلم القصير لحظات مكثّفة من الحياة البشرية، لتبدو أعمق وذات حمولة قوية. أما فيلم "مشروع – ت" الذي عرض في الفترة المسائية، فقد شكل مفاجأة حقيقية للجمهور نظرا لطبيعة الموضوع الذي اختاره مخرجه خالد الضواش، ولجوئه إلى أسلوب التشويق في فيلمه القصير الذي تبلغ مدته 15 دقيقة. يحكي الفيلم الحصل على جائزة الجمهور في مهرجان الرباط للفيلم القصير قصة شاب مثقف يدعى رضا يبلغ من العمر 33 سنة، يعيش وحيدا في شقته الخاصة، ويتلقى مكالمات من صديقته المولعة بمشاهدة المسلسلات المدبلجة على القنوات الوطنية، وهي العادة التي يرفض الشاب مشاركة صديقته فيها، بل ويطالبها بالتخلي عنها لأنه يرى فيها تعذيبا للذات. لم تشر أحداث الفيلم إلى أن الشاب كان على خلاف مع أحد، لكنه يتعرض للاختطاف على يد مجموعة من الرجال الملثمين، تسللوا إلى شقته ليلا بأمر من رجل غامض، ليبدو أن الأخير ينوي تعريضه للتعذيب، بعد أن شل حركته من خلال ربطه بكرسي وتثبيت رأسه بواسطة أداة غريبة، ووضع لاصقتين على جفنيه ليحرمه من إمكانية إغماض عينيه. وهنا سينتقل المخرج بالمشاهد من أجواء الرعب إلى الكوميديا، عندما سيتبين أن وسيلة التعذيب ليست سوى مشاهد من برامج ومسلسلات وأفلام تعرض على القنوات الوطنية، والتي جعلت بطل الفيلم يصرخ ليعبر عن عدم قدرته على تحمل ذلك الضجيج التلفزيوني، الذي تبين أنه يحيل على وضع المشاهد المغربي وفق رؤية المحرج، بينما يظهر منتجو هاته البرامج والمسؤولون عن القطاع السمعي البصري في صورة الرجل الذي يعرضه لهذا التعذيب عقابا له على سخريته من برمجة القنوات المغربية. حرص المخرج خالد الضواش في نهاية الفيلم على التأكيد على أن الغاية من إنجاز هذا العمل الذي انفرد بكتابة السيناريو الخاص به ليست السخرية والتقليل من شأن الفنانين والإعلاميين المغاربة، وإنما التعبير عن سخط فئة واسعة من المغاربة عن نوعية البرامج التي تستبلد المغاربة وتحتقر ذكاءهم، وهو ما انعكس أيضا حسب صاحب العمل على المستوى التعليمي للجيل الحالي.