ما أن توصل كريم غلاب برد المجلس الدستوري على النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يرأسه، حتى شرعت عجلة هياكل المجلس في الدوران، إلا الجزء المتعلق بتنصيب اللجان النبابية فقد تعطل، وتأجل إلى أجل غير مسمى، بسبب تحفظات وملاحظات القضاء الدستوري على بعض البنود التي قضى بعدم دستوريتها. مظاهر الحركة، التي بدأت تدب في الجانب الذي لم تطله التحفظات، سمحت لمجلس النواب بأن يعقد أول جلسة عمومية للأسئلة الشفوية يوم الاثنين المقبل، وهو ما أكده بلاغ للمجلس بأن «الجلسة العمومية ستعقد طبقا لأحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي»، إلا أن تحفظات المجلس الدستوري، التي طالت 15 نصا من أصل 189 المشكلة للنظام الداخلي للغرفة الأولى، والتي رصدها مجهر قضاة المجلس، فقضوا بعدم دستوريتها، جعلت من تنصيب اللجان النيابية مؤجلا إلى حين اتخاذ ملاحظات المجلس بعين الاعتبار وإعادتها إليه مرة أخرى ليبت في مدى مطابقتها للدستور من عدمها. رئيس مجلس النواب، الذي يسابق الزمن لكي يستكمل المجلس، الذي يقوده، كل هياكله، ولإطلاق عجلة اللجان النيابية لتبدأ في الاشتغال، سارع الثلاثاء الماضي، إلى مبنى الغرفة الأولى حاملا معه رد المجلس الدستوري وقام بعرضه على أنظار مكتب مجلس النواب في اجتماع، توقف فيه أعضاء المكتب عند النصوص، التي كانت محط التحفظات. إلا أنه أمام حجم التحفظات والملاحظات التي أبداها قضاة المجلس الدستوري، فضل أعضاء مكتب مجلس النواب، بعد مناقشتها وضعها تحت مجهر أهل الاختصاص، فتقرر حسب مصدر من المكتب «تشكيل لجنة مختصة ستعمل على إعادة النظر فيها قصد مواءمتها مع الدستور قبل إحالتها من جديد على المجلس الدستوري». ومن بين المواد التي قضى المجلس الدستوري بعدم دستوريتها ما نصت عليه المادة 48 من امكانية تقييم السياسات العمومية في اطار اللجان الدائمة، وكذلك ما جاء في الفقرة الثانية من المادة 90، التي نصت على «في حالة ما إذا ارتكب نائب أو نائبة جريمة داخل بناية المجلس يرفع الرئيس الجلسة في حالة انعقادها، ويجتمع المكتب ليقترح على المجلس الاجراءات التي يرى ضرورة تطبيقها في حق العضو المخالف». ومثلما رصد مجهر المجلس الدستوري عددا من بنود النظام الداخلي لمجلس النواب، فقد توقف عند المادة 160 بعد إغفال فقرتها الثالثة لبيان كيفيات تطبيق مبدأ النسبية ومراعاة حقوق المعارضة في توزيع حصة الأسئلة الشفوية بين الفرق والمجموعات النيابية، وبالتالي بت بعدم دستوريتها. وإذا كان غلاب يسعى جاهدا إلى الاسراع لإدخال ملاحظات المجلس الدستوري على النظام الداخلي لمجلسه قصد الشروع في الاشتغال بتنصيب اللجان النيابية، فإن نفس الهم يظل جاثما على نفوس رؤساء الفرق البرلمانية بالمجلس، والذي بادروا بدورهم زوال الثلاثاء الماضي، إلى عقد اجتماع تناولوا فيه بالدرس والتحليل تحفظات قضاة المجلس الدستوري.