أكد ناقدان مغربيان، الخميس بالدار البيضاء، أن الباحثة السوسيولوجية الراحلة فاطمة المرنيسي تبنت، منذ عودتها من الولاياتالمتحدة حيث حازت دكتوراه في الفلسفة، مشروعا حداثيا ديموقراطيا عنوانه الأساس المساواة بين الجنسين لأن الواقع يثبت عمليا هذه المساواة. وأوضح الناقد أحمد شراك، في ندوة حول "ذاكرة فاطمة المرنيسي" في إطار الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب (11-21 فبراير الجاري)، أن الراحلة، وهي كاريزما نسائية متعددة المواهب، كانت أول من أعطى فرصة الكلام للنساء اللواتي كن يعانين الإغفال والنسيان. وأشار شراك، في هذه الندوة التي أدارتها الكاتبة بديعة الراضي، إلى أن الباحثة الراحلة، التي التفتت إلى المتون الأدبية النسائية، أسست لأفكار غير معبر عنها، و"بنت مشروعا على غير منوال"، بناء على حدس علمي يستبق الموضوعات القادمة. وذكر شراك بأن المرنيسي كانت أول من بحث في موضوع أطفال الشوارع من أجل إثارة الانتباه إلى الظاهرة ومحاولة مقاربتها علميا في كتابها (الهندسة الاجتماعية)، وأول من نبش في موضوع المرأة القروية أساسا، من خلال بحث ميداني عن نساء الغرب. وأبرز الناقد أن المرنيسي كانت ضمن الجيل الأول من الباحثين في السوسيولوجيا بالمغرب إلى جانب الراحلين عبد الكبير الخطيبي ومحمد جسوس وبول باسكون. وأوضح أنه إذا كان باسكون اختار السوسيولوجيا والإصلاح الزراعي، وجسوس الزبونية كتوصيف للعلاقات الإيديو- سياسية في مغرب الثمانينات والتسعينات، والخطيبي تبنى تعددية المناهج والحساسيات، واشتهر بمقولة النقد المزدوج وزعزعة ما هو دوغمائي بين الأنا والنحن، فان المرنيسي قامت باختيار علمي وأكاديمي مؤسس يعبر عن حساسيتها كامرأة باختيارها التخصص في ثقافة النوع (سوسيولوجيا المرأة والعائلة). وأكد الناقد يحيى بن الوليد، من جانبه، أن فاطمة المرنيسي اعتمدت في كتاباتها منهجية سوسيولوجية متفتحة، ورأى أنها هرم واسم قوي غير مسبوق في تاريخ الفكر السوسيولوجي والثقافة المغربية، لم تستقر على حال واحدة منذ صدور أطروحتها "ما وراء الحجاب" سنة 1975 الذي أصبح يصنف ضمن الكلاسيكيات. وأضاف بن الوليد أن الباحثة تخصصت في البحث الميداني والروبورطاج والاستجواب والمقاولة وأوراش الكتابة وتجميع كتابات الصحافيات، وتناولت قضايا متعددة من قبيل الحجاب والهوية الجنسية والنخبة الذكورية والتأويل والقمع الجنسي والهوية الجنسية (الجندر)، وكذا الحداثة والخوف منها والديموقراطية والشباب وغيرها. وأشار إلى أن المرنيسي، التي تفكر وتدفع إلى التفكير، انتبهت مبكرا إلى أن المشكل أساسا ثقافي في التعامل مع المرأة، بمعنى أن البنيات الذهنية هي الأساس وأن المرأة محاصرة بتصور تقليداني متيبس ، وبتواطؤ فظيع مسكوت عنه، مشيرا إلى أن كتاباتها كانت مرنة ومتفتحة ولم تكن مغلقة وأكاديمية على طريقة السوسيولوجيين. وأبرز بن الوليد أن التراث، في كتابات المرنيسي، لم يكن سياحة فكرية بل إجابة على الحاضر، مشيرة إلى أنها في كتابها "هل أنتم محصنون ضد التحريم" انتقدت الغرب على خلاف رنا قباني (سورية) وليلى الأحمد (مصر) التي ازدادت سنة 1940 ودرست في هارفارد وفضلت الاستقرار في الولاياتالمتحدة بعد تخرجها على خلاف المرنيسي.