بقاعة عبد الهادي التازي يوم الخميس 18 فبراير2016 ,وضمن فعاليات المعرض الوطني للكتاب والنشر , كان الحديث عن "ذاكرة فاطمة المرنيسي» من زوايا مختلفة, حددها الناقدان أحمد شراك ويحيى ابن الوليد , وأطرت زواياها الزميلة بديعة الراضي, هنا ملخص لهذه الاضاءات . «سألتها لماذا الهامش قالت أنا ابنة الممرات الضيقة والقرويين, كان للقرويين سبعة ابواب يتجمع بها المشردون و كانوا يستفيدون من هذا الفضاء, تولدت لدي القناعة بأن هذا الهامش ينبغي البحث فيه" . هكذا اختارت بديعة الراضي أن تفتتح الحديث عن الفقيدة الكبيرة فاطمة المرنيسي بأنها ابنة الهامش في التواصل مع محيطها وعالمة الاجتماع التي تنحث في المجتمع, جابت الازقة والجبال وأعطت الكلمة لمن لا كلمة لهم ولهن, ونزلت بالمثقف الاكاديمي من البرج العاجي لمعانقة الواقع والغوص في قضاياه. هي ايضا , ابنة الحركة الوطنية المناوئة للاستعمار , كانت تخفي من خلال أقوالها الكتابية والشفاهية هذا المد السياسي الخفي الذي تحاول تبسيطه,هي الاكاديمية البارزة الباحثة,السوسيولوجية المتميزة, العضو في جامعة الأممالمتحدة , المدافعة بشكل مستميث عن المرأة , المنفتحة على مختلف الثقافات والفاتحة للعديد من الأفكار الجريئة التي تتناول الطابو والمحرم , المثبتة بالكثير من العلمية والجرأة والقرب من اللغة, دافعت عن التحرر من داخل المتون الفقهية واستحضرت التراث وزاحمت الفقيه في ذلك, لأن الفقيه كان يؤسلم المجتمع ويؤلبه ضد تحرر المرأة , فهوجمت كتاباتها من طرف المتطرفين وشنت عليها هجمة قوية من طرف المتشددين حتى وهي توارى الثرى, أربكتهم وهي حية وأفقدتهم صوابهم وهي جثة. فاطمة المرنيسي ,تقول بديعة الراضي صمدت بكتاباتها في وجه آلة القمع التي سدت الباب على الفلسفة في السبعينات وفتحته مشرعا في وجه الفكر الوهابي لمحاربة المشروع الديمقراطي الحداثي في بلادنا, حازت العديد من الجوائز, لكن أكبر الجوائز أن تكون فاطمة المرنيسي ابنة هذا البلد . أحمد شراك: المرنيسي كاريزما نسائية متعددة المواهب فاطمة المرنيسي كاريزما نسائية متعددة المواهب, في المقدمة تنتمي الى عالم السوسيولوجية بجوار الخطيبي وبول باسكون وجسوس , لكن فاطمة المرنيسي اختارت أن تتخصص في سوسيولوجيا المرأة والعائلة وكان هذا الاختيار علمي أكاديمي ممأسس ويعبر عن أحساسها كامرأة ويعبر عن مشغوليات هذه المرأة في مجالات متعددة. دون أن تحتسب الاشياء تسقط المرنيسي في توظيف العائق الابستمولوجي وأن المرأة انطلاقا من جنس معين لم تكن متحررة في تحليلاتها و الرجل الذي يحاول تحليل المرأة لا يتجاوز هذ العائق السوسيولوجي بأنهن في اللاشعور ناقصات عقل ودين وأن كان المفكرون الحداثيون يزعمون غير ذلك .ولكن هذا المبطن في الحوار يؤكد أن الرجال يتهيبون من صعود المرأة القادمة. اختيار التأسيس هو اختيار مشروع ,لأن المرنيسي كان لها مشروع حداثي ديمقراطي عنوانه المساواة بين الجنسين لاعتبارات متعددة والواقع يعترف بهذه المساواة, فعملية التأسيس إذن هي تأسي لفكر جديد من خلال اكتشاف هوامش لا يتم التطرق لها أو من خلال كتاباتها عن أطفال الشوارع في وقت لم يكن فيه الحديث عنهم, فكانت فاطمة المرنيسي بحدس علمي تستبق لموضوعات قادمة . كانت المرنيسي تناضل من أجل الهامش ,أبرزت السلطانات ورفعت عنهن الغبار وسنكتشف هذا الهامش بطريقة ذكية بإعادة دراسة التاريخ التي أعطتنا الحريم السياسي. انتقلت المرنيسي الى نشاطات اخرى رفعت اللبس عن الهامش من خلال قواقل وجمعيات ولفهم أعمق انتقلت الى بحث الهامش في الخارج للمقارنة, فوجدت أنه لافرق بين النظرة الذكورية للرجل هنا وهناك للمرأة من خلال تمثلات الجسد,ففي الغرب يختزلونه في النحافة , وفي المغرب في الامتلاء وابراز بيبليوغرافيا الجسد. يحيى بن الوليد: نزلت بدور المثقف الى الهامش من خلال مداخلته عن» المنهجية السوسيولوجية المتفتحة في كتابات المرنيسي» قال بن الوليد أن المرنيسي لم تستقر على حالة واحدة , ولكنها كتبت في واجهات متعددة ,انتقلت من فاس للرباط وفرنسا وامريكا وكانت أطروحة ما وراء الحجاب هي ما لفت الأنظار لفاطمة المرنيسي ,فالمدخل كان أكاديميا صرفا , كتبت في النقد, في البحث النسائي, في المقابلة الروبورتاج ,اوراش الكتابة , فتحت جبهات متعددة وتعرضت لقضايا متعددة لها علاقة بالجندر وتعاطت لقضايا أخرى للحداثة . فاطمة المرنيسي لم تكن تكتب على طريقة السوسيولوجيين العرب ,كانت طريقتها مبسطة ,تنطلق من واقعة ميدانية , تتعامل مع الموضوع بالتراث , أنجزت أيضا كتابا صغيرا حول الحب يضم50 اسم محبة , لتبرز أن تراثنا غني بقصص واسماء الحب ,تكلمت فيه عن اسلام الحب , دين محبة الذي يعلي قدر الحب وينبذ الارهاب. لم تكن سطحية في انتقائها للتراث ,تعاملت مع النصوص الكبرى وتمكنت من امهات الكتب وهيأت نقد التراث ونقد الغرب .مايميز فاطمة المرنيسي أنها نزلت بدور المثقف الى الهامش ذهبت للجبال وحاورت نساء الهامش وحوصرت من اليمن واليسار ايضا. فاطمة المرنيسي امراة تعلمنا وتدفعنا للتفكير . عبد المالك الحطري : كانت ترفض ثقافة المقاسات وضد « لاطاي 38 » في مداخلة هامة له وهو يحضر هذه الندوة , ذكر السوسيولوجي عبد المالك الحطري, أن فاطمة المرنيسي كانت ضد «لاطاي 38 « في نيويورك دخلت متجرا لاقتناء تنورة على مقاسها, لكن البائعة أخبرتنها أنه يتعذر عليها تلبية طلبها لأن المقاسات لا تتعدى 38 وكأن النموذج هو المقاس, فاقتنعت المرنيسي أن ثقافة الحريم تمتد الى الغرب أيضا. كانت ترفض ثقافة المقاسات في كل شئ ولا ترى أن ثقافة المرأة يجب دراستها بسوسيولوجية واحدة ,هناك أكثر من نفس, لم تكن سوسيولوجية فقط ولكنها كانت تؤمن بانتغام معرفي . فاطمة المرنيسي قدمت نظرة مغايرة عن المرأة,حوربت في شعبة علم الاجتماع , وكان صراعا عن الوجاهة العلمية , فذهبت للبحث العلمي لتمارس حقها في الخطاب وأعطت الكلمة لمن لا صوت لهن.