تونس, 2 فبراير 2016 (وأج) - تحولت حركة النهضة التونسية بعد استقالة 22 نائبا من نداء تونس وتشكيلهم كتلة برلمانية بإسم "الحرة" الى القوة الاولى في البرلمان مما أثار مخاوف في أوساط الاحزاب العلمانية واليسارية من عودتها الى بسط يدها على الحكم من جديد, فيما راحت قيادة النهضة تطمئن الجميع "بعدم رغبتها في العودة الى الحكم حاليا". وبتشكيل 22 نائبا من نداء تونس لكتلة برلمانية جديدة أصبحت كتلة حركة النهضة القوة الاولى في البرلمان ب69 مقعدا بعد أن تقلصت مقاعد النداء من 86 مقعدا الى 64 مقعدا وذلك ما يمكنها في بسط سيطرتها على أهم اللجان والمسؤوليات في المجلس النيابي وكذا تسطير برنامج العمل التشريعي. و دفعت هذه التركيبة الجديدة التي أصبحت عليها الكتل النيابية برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الى طمأنة الجميع وليس فقط العلمانيين من خلال تصريحه بأن "حزبه لا نية له في الحكم وأن الوضع سيحافظ على نفس المعطيات دون تغيير" وذلك في مسعى منه الى إزالة الاحتقان السائد في المشهد السياسي التونسي. ويبدو أن هذا الموقف من السيد الغنوشي هو الذي دفع بعض قيادت النهضة الى دعم توجهاته السياسية حيث أعتبر الناطق الرسمي أسامة الصغير ما يتداول بشأن عودة النهضة للحكم "وهم" لان الحركة حسبه "تؤمن بالابعاد الديمقراطية التي تجمعها مع شركائها في الحكم" مؤكدا على أن التوافق السياسي مع باقي مكونات الائتلاف الحاكم هو "توافق استراتيجي لخدمة الاستقرار والبلاد وليس توافقا تكتيكيا لخدمة الحزب". وفي نفس المنحى فقد أستبعد نواب من البرلمان إمكانية لجوء حركة النهضة الى سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد لان اسقاط الحكومة يتطلب وجود أغلبية مطلقة في مجلس نواب الشعب أي 109صوتا من مجموع 217 , وتقديم مرشحا بديلا في نفس الجلسة. لكن, و رغم ذلك فإن الاحزاب ذات التوجه اليساري بصفة عامة وعلى رأسهم الجبهة الشعبية المشكلة من 11 حزبا تراودها "شكوكا كبيرة" في" الطمأنة " التي قدمتها قيادة النهضة ولم تر فيها سوى "مناورة" لربح الوقت والعودة من جديد للاستلاء على الحكم على اشلاء حركة نداء تونس التي فقدت الاغلبية في البرلمان بسبب الصراعات بين قادتها من اجل الهيمنة على الحزب. وللتقليل من مخاوف العلمانيين من عودة حركة النهضة ذهب بعض المحللين للشأن السياسي التونسي من جهتهم الى التأكيد على أن الاتهامات التي وجهها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي خلال زيارة الاخيرة الى دول الخليج العربي للنهضة ب"وقوفها أثناء حكم الترويكا وراء تردي الاوضاع الاقتصادية والامنية تعد إندارا لها على مغبة العودة الى الحكم" . وفي هذا الباب أوضح محللون آخرون ان حركة النهضة "غير مستعدة لطرح نفسها بديلا "عن نداء تونس أو حكومة الحبيب الصيد الائتلافية المشكلة من أربعة أحزاب لاسباب أهمها انها "غير مستعدة هيكليا ولا سياسيا" للقيادة في الوقت الراهن مشيرين الى انه في حالة اقدامها على هذه الخطوة "فستستنفر جميع القوى السياسية ضدها ". وفي ظل هذه المعطيات فإن حركة النهضة ستحاول برأي المراقبين "الحفاظ على التوازنات الراهنة والتمسك بالعلاقة مع أحزاب الائتلاف الحاكم ودعم حكومة الصيد لاسيما وأنها تسعى لاقناع الرأي العام التونسي وصناع القرار اقليميا ودوليا بانها "قادرة على انجاح التعايش بين الاسلام السياسي والعلمانيين" في التجربة الديمقراطية الناشئة. ويذكر ان أحزاب حركة النداء والنهضة والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس كانت قد شكلت إئتلافا حكوميا إثر الانتخابات التشريعية التي جرت نهاية 2014 وفاز فيها نداء تونس ب86 مقعد