تعتزم السويد والمغرب بدء فصل جديد في العلاقات بينهما، وهو التزام تم التعبير عنه من كلا الجانبين خلال مختلف مباحثات رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي بستوكهولم مع كبار المسؤولين في الحكومة والبرلمان السويدي. فقد عبر الجانبان، بشكل واضح، على أهمية المضي قدما، وفق "أسس جيدة"، على المستويات السياسية والاقتصادية أو الأمنية، مع ضرورة إبقاء قنوات الحوار والمشاورات مفتوحة حول جميع القضايا. وقال الطالبي العلمي، "لقد شعرنا بأن هناك التزاما من الحكومة السويدية. لقد فهموا أنهم كانوا قد اختاروا الطريق الخطأ ويريدون، اليوم، الانطلاق مجددا على أسس جيدة بعد اطلاعهم على القضية الوطنية". ومما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها المملكة الاسكندنافية لإعطاء دينامية جديدة لعلاقاتها مع المغرب، الاستقبال الذي حظي به رئيس مجلس النواب من قبل الملك كارل السادس عشر غوستاف، عاهل السويد. واغتنم العاهل السويدي هذه المناسبة، للإشادة، على الخصوص، بالجهود التي يبذلها المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وخاصة في مجال الإصلاحات الهيكلية الكبرى وقدرة المملكة على الحفاظ على استقرارها وعلى مسلسلها التنموي في منطقة مضطربة. وبخصوص قضية الصحراء، التي كانت مصدر التوتر الدبلوماسي الأخير بين الرباطوستوكهولم، جددت وزيرة الشؤون الخارجية، مارغوت والستروم، التأكيد على القرار الواضح لحكومة بلادها، بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، القاضي بعدم الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة، مجددة دعم مسلسل المفاوضات الجارية تحت إشراف الأممالمتحدة. واعتبر النائب الأول لرئيس البرلمان السويدي، توبياس بيلستروم، المنتمي لحزب التجمع المعتدل (المعارضة)، أن هذا القرار "حكيم جدا" لأن الحكومة الحالية منسجمة مع الموقف الثابت لهذا البلد الاسكندنافي لفائدة حل متفاوض بشأنه ومقبول للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وقال "لقد كان واضحا جدا منذ البداية أن شروط الاعتراف غير قائمة. وهذا قرار حكيم جدا". وأشار بيلستروم، الوزير السابق للهجرة وسياسة اللجوء، إلى أن هذا القرار يتماشى مع "التقييم الذي قامت به الحكومات السابقة بشأن هذه القضية". وكان الائتلاف الحاكم في ستوكهولم، الذي يتكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، أعلن يوم الجمعة الماضي عن نيته عدم الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية" الوهمية، مجددا التأكيد على دعمه الواضح لمسلسل المفاوضات الجارية تحت إشراف منظمة الأممالمتحدة بهدف إيجاد حل متفاوض حوله ومقبول للنزاع الإقليمي حول الصحراء. من جهة أخرى، أكد النائب الأول لرئيس البرلمان السويدي على ضرورة إبقاء المغرب والسويد على "تعاونهما الجيد" في مختلف المجالات. وقال "يتعين علينا مواصلة تعاوننا الجيد. لدينا مصالح مشتركة في مجال التنمية". واعتبر، في هذا السياق، أن من الأهمية تعزيز المبادلات التجارية الثنائية مستقبلا في مجال الاتصالات والطاقات المتجددة. وذكر بيلستروم أنه تطرق مع الطالبي العلمي إلى أهمية تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، في سياق التهديد الإرهابي الذي يواجهه العالم حاليا، مبرزا دور المغرب في مجال تدبير ملف الهجرة مع شركائه الأوروبيين. وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن السويد، وعلى غرار العديد من الدول الأوروبية، ترغب في الاستفادة من التجربة المغربية في مجال مكافحة مختلف أشكال التطرف والإرهاب. وقال إن المغرب لا يزال ملاذا للاستقرار في منطقة مضطربة، وهو بلد يساهم بشكل فعال في محاربة التطرف والإرهاب إلى جانب شركائه وعلى الخصوص أوروبا. وقال الطالبي العلمي، عقب مباحثاته مع وزيري الداخلية، أندريس يغمان، والعدل، مورغان يوهانسون، وكذا كاتب الدولة المكلف بالتجارة والابتكار، أوسكار ستينستروم، إن المسؤولين السويديين، إلى جانب إشادتهم بالإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها المملكة، أكدوا على دور المغرب كجسر نحو إفريقيا. وأبرز أنه تم التعبير بشكل واضح، خلال هذه الاجتماعات، عن الالتزام غير مشروط للحكومة ودولة السويد بتعزيز العلاقات مع المغرب. وفي هذا السياق، تم التركيز، حسب ا الطالبي العلمي، على ضرورة مضاعفة تبادل الزيارات بين المسؤولين والفعاليات الاقتصادية في كلا البلدين من أجل إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية. وتم، خلال زيارة الطالبي العلمي، عقد لقاء مع رئيس غرفة التجارة السويد-شمال إفريقيا، السفير السويدي السابق ماتياس موسبيرغ. وما فتئت تذكر هذه الهيئة، التي تروم تسهيل وتشجيع التجارة والاستثمار بين السويد وشمال إفريقيا، بأهمية المغرب كجسر للصادرات السويدية نحو القارة السمراء والدور الذي يمكن أن يضطلع به رجال الأعمال في تعزيز الحوار والتعاون الثنائي على جميع المستويات. من جهة أخرى، شكل التعاون البرلماني الموضوع الرئيسي في زيارة الوفد المغربي للسويد التي استغرقت يومين، وذلك خلال المباحثات مع رئيس البرلمان السويدي يوربان أهلين، ونائبه الأول، وكذا مع نواب مختلف الأحزاب السياسية.