تم، أمس الأربعاء بالرباط، إطلاق ورش مراجعة النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان في يوم دراسي يناقش عددا من القضايا التي تهم العمل البرلماني، وذلك في أفق تحقيق النجاعة البرلمانية المنشودة وتجسيد فعلي لمبدأ غرفتين لبرلمان واحد. وأكد رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، في افتتاح اللقاء الذي ينظمه البرلمان بمجلسيه حول موضوع "النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان: من إقرار آليات التنظيم إلى تحقيق النجاعة البرلمانية"، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي من بين ثمرات التدبير المشترك لعدد من القضايا والملفات والمواضيع البرلمانية التي تحظى بالتنسيق التام بين المجلسين، كما يعكس الرغبة الواضحة والثابتة في إعطاء مفهوم جديد ومتجدد للعمل البرلماني قائم على أساس برلمان واحد بمجلسين. وأضاف أن ذلك سيعزز مكانة البرلمان ودوره في المشهد السياسي، وسيقوي حضوره وإشعاعه في مختلف مجالات العمل البرلماني التشريعية والرقابية وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية. وأبرز الطالبي العلمي أن فتح هذا الورش مجددا هاجسه مواصلة تطوير المؤسسة البرلمانية، وتأهيل وظيفتها والرفع من فعاليتها والسمو بأدائها التشريعي والرقابي، وتقييم السياسات العمومية، والنشاط الدبلوماسي، وتفعيل عدد من المساطر المرتبطة بمشروع البرلمان الالكتروني في مجال تدبير الأسئلة الشفوية والكتابية، والعمل التشريعي، والعلاقة بين أجهزة المجلس، وتداول الوثائق والنصوص وتعميمها على صعيد المؤسسة، بما يعكس روح الدستور، ويترجم عمقه الديمقراطي المتقدم، ويقوي مؤسسات الدولة، ويوطد علاقات التعاون والتوازن بين السلط. من جهته، أكد رئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش أن تعديل النظامين الداخليين للمجلسين مدخل أساسي للإصلاح البرلماني وتطوير آليات العمل داخل المؤسسة التشريعية في كافة مستوياتها، سواء في أدوارها المتعارف عليها أو في إطار علاقتها بمحيطها الخارجي، سواء المجالس الدستورية أو هيئات الحكامة أو المجتمع المدني. وشدد على عدد من المحددات التي ينبغي أن تؤطر هذا الورش والمستقاة أساسا من التوجيهات الملكية في كل المناسبات، خاصة في خطب افتتاح السنوات التشريعية، ومن بينها عقلنة ورفع مستوى المناقشات، وحسن تدبير الزمن في عمل اللجان والجلسات، وترسيخ التعاون الضروري بين المجلسين عبر نظام محكوم ومضبوط، وعقلنة الأداء النيابي، وترشيد علاقات الحوار الدائم والتعاون الوثيق والمتوازن بين الحكومة والبرلمان واعتماد ميثاق أخلاقيات. وتنضاف إلى هذه المحددات في تأطير ورش تعديل النظامين الداخليين الالتزامات الدولية للمغرب على المستوى التشريعي ، بحسب بنشماش ، الذي أبرز أن الغاية هي الوصول لنظامين داخليين لبرلمان واحد تميزه النجاعة والفعالية لإنضاج شروط برلمان ديمقراطي وعصري ومتجدد. أما الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني عبد العزيز عماري فأشار إلى أن هناك خمس مرجعيات تؤطر التفكير في إصلاح النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان تتمثل في الدستور، والخطب الملكية السامية، واجتهادات القضاء الدستوري، والتجربة العملية والممارسة الممتدة لأزيد من 50 سنة والتي شكلت صرح النموذج الديمقراطي المغربي، إلى جانب الاسترشاد بالتجارب الفضلى الدولية. وأكد أن واقع الممارسة يظهر الحاجة لضمان حد أدنى من التناسق والتكامل بين المجلسين للوصول إلى النجاعة في العمل البرلماني، من خلال عقلنة البرمجة وضبط جدول الأعمال وقاعدة المعطيات وتفادي التكرار، مع استحضار الدور الجماعي في تطوير هذه الممارسة الديمقراطية، مؤكدا حرص الحكومة على تحقيق تعاون بناء مع البرلمان. ويتوخى هذا اليوم الدراسي الإجابة على جملة من التساؤلات وتقديم توضيحات بشأن عدد من القضايا والمواضيع التي تهم العمل البرلماني، في إطار ورشات تتعلق بتدقيق المساطر في المجال التشريعي، والرقابة البرلمانية، وتقييم السياسات العمومية، وعلاقة البرلمان مع محيطه، إلى جانب مدونة السلوك. ويأتي تنظيم هذا اليوم الدراسي في سياق استعداد مجلسي البرلمان لتعديل نظاميهما الداخليين بعد مرور أربع سنوات على المراجعة الدستورية التي عرفها المغرب في 2011، وما تحقق فيها من تراكمات لامست مختلف جوانب العمل البرلماني، وإشكاليات متنوعة نجمت عن إعمال المساطر المعتمدة طبقا للدستور الجديد، والمصادقة على قوانين تنظيمية جديدة، وانتهاء بالطابع الانتقالي الذي كان يطبع مجلس المستشارين منذ المصادقة على دستور 2011. تصوير محمد العدلاني