وحده عبد الاله بنكيران يدري ما كان يدور في ذهنه عندما وقفت النساء البرلمانيات أمامه وهو يعرض برنامج حكومته أمام البرلمان، وواجهنه بلافتات الاحتجاج على عدم إعطاء المرأة حقها في المناصب الحكومية. صحيح أنه لم يبد أي انزعاج من هذا الاستقبال الذي خصته به البرلمانيات، باسم نساء المغرب، يوم توجهه لأول مرة إلى البرلمانيين بصفته رئيس حكومة يطلب مصادقتهم على برنامجه. ولكن هل استوعب الرسالة استيعابا عميقا؟ وهل ينوي الجواب عليها بما يزيل عن حزبه صورة القوة المناهضة لحق المرأة في المساواة. إلى حد الآن، كان حزب «العدالة والتنمية» من السباقين إلى معارضة كل مشروع يرمي إلى إنصاف المرأة المغربية؛ عارض بقوة مشروع إدماج المرأة في التنمية، وقاومها بتنظيم مظاهرة كبيرة في الدارالبيضاء(بالاشتراك مع جماعة العدل والاحسان)، ورفع صوته بالاحتجاج والنقد كلما عزم المغرب على التوقيع أو التصديق على ميثاق من المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق المرأة؟ سلوك حكومة زعيم «العدالة والتنمية» خلال الشهور القادمة كفيل بتوفير الجواب على هذه الأسئلة. وفي انتظار ذلك، يتعين عدم الوقوف، فقط، عند صورة البرلمانيات وهن ينتفضن واقفات أمام رئيس الحكومة. من اعتبر أن هذه الوقفة ليست سوى مبادرة رمزية، غير محملة بدلالات أعمق يكون قد أخطأ التقدير. إنها ليست حركة ارتجالية، بل تبدو مهيأة بعد تفكير وتشاور وتنسيق. ولم تقتصر على المعارضة، بل انخرطت فيها كل التوجهات السياسية باستثناء حزب «العدالة والتنمية» الذي قد يثير (بموقف نسائه هذا) التساؤل حول مصداقية خطابه الحالي بعد توليه قيادة الأغلبية الحكومية. لقد ظهر أن هناك توجهين: توجه يحمله حزب « العدالة والتنمية» وآخر تعتمده باقي الأحزاب السياسية المغربية، والرسالة التي تبعثها مبادرة برلمانيات هذه الأحزاب، هي أن هناك قيما ومبادئ يجب أن يشترك في حملها واحترامها والتشبث بها كل من يعتبر نفسه ديمقراطيا لا فرق بين الموالي والمعارض، ولا بين اليساري واليميني، ولا بين الليبرالي والاشتراكي، وحق المرأة المغربية في المساواة واحد منها يكون على الجميع الانخراط في معركة تحقيقها وترسيخها.