الرياض 7 يناير كانون الثاني (رويترز) من أنجوس مكدوال - لعل الصدع الدبلوماسي مع إيران بعد إعدام السعودية لرجل دين شيعي كان أثرا جانبيا لقرار اتخذته الرياض لأسباب داخلية وليس نتيجة لخطة مرسومة لإغضاب غريمتها التقليدية. لكن سواء تعمدت السعودية أم لا صب الزيت على نار الخصومة الملتهبة التي أججت حروبا في المنطقة فإن حكامها الجدد لم يظهروا أي بادرة ندم. واليوم الخميس طمأن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العالم بأن الأزمة لن تصل لحد اشتباك القوتين الخليجيتين في حرب شاملة. وأبلغ الأمير محمد وهو أيضا وزير الدفاع مجلة إيكونوميست "نشوب حرب بين السعودية وإيران سيكون إيذانا بكارثة وسينعكس بقوة على بقية العالم. نحن بالتأكيد لن نسمح بشيء كهذا." لكن خلال الأيام التي تلت إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر لم تفعل الرياض شيئا لوقف التصعيد في المواجهة وأظهرت قدرا من الارتياح لسياسة حافة الهاوية لم تعرفه المملكة قبل وفاة الملك عبد الله منذ عام وتولي شقيقه الملك سلمان مقاليد السلطة. في ليل السبت الماضي الذي أعدم فيه النمر في سجن شديد الحراسة اقتحم محتجون إيرانيون مقر السفارة السعودية بطهران وقنصليتها بمدينة مشهد. وردت السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية. وقال محلل سياسي سعودي اشترط عدم ذكر اسمه "لا أعتقد أن كان ليحدث هذا أيام الملك عبد الله. سواء الإعدامات أو قطع العلاقات." وأضاف عن قرار قطع العلاقات "أنا شخصيا كنت أتمنى أن يكتفوا بسحب السفير. كان هذا ليجعل الأمر أقل صعوبة لتغيير الموقف بعد ذلك." وأسس الملك سلمان- وهو الشقيق السادس من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز يتولى الحكم منذ 1953- لنقل السلطة لجيل جديد لأول مرة منذ ستة عقود. وعين الملك سلمان ابن أخيه الأمير محمد بن نايف وليا للعهد وابنه الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد. ويقول سعوديون إن الأزمة مع إيران أحدث دليل على اختلاف الحكام الجدد عن سابقيهم فهم أقل ترددا. وتقول مصادر مقربة من السلطات في الرياض إن اقتحام مقري البعثة الدبلوماسية في إيران وقع بصورة مفاجئة رغم سوابقه فالسفارة البريطانية في طهران أحرقت في 2011 وقتل دبلوماسي سعودي في هجوم مماثل في 1988. غير أن مصدرا سعوديا على صلة بالأمر قال إنه لا يصدق كون الحكام السعوديين توقعوا الهجوم على السفارة لكنه يرى أنهم كانوا عازمين على المخاطرة بتنفيذ الإعدام- الذي يرونه مبررا تماما- رغم احتمال أن ترد إيران. وقال المصدر السعودي "التقدير في الحكومة هو الرد على أي تجاوز إيراني. لذا فإن محاولة إيران التدخل في أي شأن داخلي تمثل لعنة كاملة." وأضاف أن التهديدات الإيرانية ربما جعلت الرياض أكثر تصميما على المضي قدما في إعدام النمر. وقال أيضا "هذا مواطن سعودي أدين في جرائم بالسعودية. يظنون أن بوسعهم تدويل الأمر." * الأزمة تلت خطوات للاتفاق اتخذ الملك سلمان والأميران خطوات جريئة على مدار العام المنصرم للتصدي لما يرونه نفوذا إيرانيا متناميا في الشرق الأوسط فذهبوا للحرب في اليمن الجار الجنوبي بغرض وقف استيلاء الحوثيين الشيعة- المدعومين من إيران- على السلطة وزادوا الدعم لفصائل معارضة مسلحة تقاتل ضد الرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران. لكن كثيرين في الرياض يصرون على أن الحكومة لم تكن تسعى بإعدام النمر لمعركة جديدة مع إيران وهو رجل دين اتهمته السعودية مرارا بإثارة القلاقل. وأعدم النمر مع عشرات من السنة المتهمين بالإرهاب. ويشير هؤلاء إلى سلسلة من الخطوات اتخذتها الرياض خلال الأشهر الماضية باتجاه تحسين العلاقات بينها العمل على تعيين سفير جديد وافقت عليه إيران بعد أشهر من الخلاف وافتتحت سفارة جديدة في العراق الذي تقوده حكومة شيعية وجلس ممثلوها على مائدة واحدة مع إيران في محادثات سلام بشأن سوريا الشهر الماضي في نيويورك. ويقول مسؤولون سعوديون إن إيران باستغلالها إعدام النمر عبرت عن زعمها بسلطتها على الشيعة جميعا دون النظر للحدود بين الدول وهو أمر تعتبره الرياض تهديدا حقيقيا للنظام الدولي. وهذا الأسبوع قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لرويترز إن على إيران أن تقرر إن كانت دولة طبيعية أم "ثورة".