مدريد, 20-12-2015 (أ ف ب) - لم يمنح الاسبان اليمين الحاكم سوى فوز محدود الاحد بحيث خسر غالبيته المطلقة في البرلمان فيما حل حزب بوديوموس اليساري المتطرف وحليف سيريزا اليوناني في المرتبة الثانية, وفق استطلاعات اجريت لدى الخروج من مكاتب الاقتراع. وتصدر المحافظون الذين يحكمون اسبانيا منذ 2011 نتائج الانتخابات التشريعية بحصولهم على 26,8 في المئة من الاصوات, بحسب استطلاعات راي اجراها التلفزيون العام الاحد لدى الخروج من مكاتب الاقتراع. لكن حزب بوديموس اليساري المتطرف الذي تأسس بداية العام الفائت حل ثانيا ب21,7 في المئة بحسب هذه الاستطلاعات التي شملت نحو 177 الف شخص في مختلف مناطق البلاد, متجاوزا الحزب الاشتراكي الاسباني (20,5 في المئة) والحزب الاخر الناشىء الليبرالي سيودادانوس الذي حاز 15,2 في المئة من الاصوات. وبذلك, يكون رئيس الوزراء الاسباني المنتهية ولايته المحافظ ماريانو راخوي قد خسر الغالبية في مجلس النواب. وبعد 32 عاما شهدت تناوبا على السلطة بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي, فان حزب بوديموس اليساري المتطرف المنبثق من حركة "الغاضبين" يكون قد الحق بالحزب الاشتراكي اسوأ هزيمة. وتسدل هذه الانتخابات الستارة على عام انتخابي حفل بالتغييرات في دول جنوب اوروبا بدءا بالانتصار الذي حققه في كانون الثاني/يناير في اليونان اليسار الراديكالي بزعامة الكسيس تسيبراس, وصولا الى البرتغال حيث امسك بمقاليد السلطة في تشرين الاول/اكتوبر ائتلاف لاحزاب اليسار بعدما نجح في اقصاء اليمين رغم تصدر الاخير نتيجة الانتخابات. وكان عدد المترددين قياسيا. حتى ان بعضهم تردد امام صندوق الاقتراع في منح ثقته لواحد من الحزبين الجديدين. وبرز بوديموس وسيودادانوس بفضل ازمة غير مسبوقة لم تطاول الاقتصاد فحسب بل ايضا المؤسسات التي نخرها الفساد من دون ان يوفر الاحزاب التقليدية والشركات الكبرى والنقابات وحتى ابنة الملك خوان كارلوس. وفي ,2011 الحق ماريانو راخوي الذي يكون قد ترشح لمرتين بخصمه الاشتراكي الفريدو بيريز روبالكابا اسوأ هزيمة انتخابية يمنى بها الحزب الاشتراكي بعد ثلاثة اعوام من ازمة انتجت خمسة ملايين عاطل عن العمل. لكن الوضع تبدل جذريا في 2015. فالحزب الشعبي الذي كان يتمتع بغالبية مطلقة في البرلمان تتمثل في 186 مقعدا من اصل 350 ادرك منذ اشهر بان المعركة ستكون قاسية في مواجهة راي عام مستاء من تقشف غير مسبوق واصلاح لقانون العمل يحد من حقوق الموظفين, اضافة الى نسبة بطالة مرتفعة. ولمواجهة الحزبين الناشئين, ركز راخوي على 11 مليون ناخب من الذين تفوق أعمارهم 60 عاما, أي نحو ثلث الناخبين, ويدعو إلى مواصلة الإدارة المالية السليمة التي تضمن المعاشات التقاعدية, محذرا من أن الناخبين سيرتكبون "خطأ كبيرا" اذا اختاروا "التجارب". لكن هذه الاستراتيجية لم تكن كافية للحؤول دون صعود بوديموس ومثله سيودادانوس بزعامة الشاب البير ريفيرا (36 عاما) الذي يتمتع بشعبية لدى الشبان. وكان بوديموس وعد باجراءات اجتماعية عاجلة لجميع المهمشين فيما تعهد سيودادانوس باصلاح عميق لقطاع التعليم ووضع عقد عمل موحد يزيل الهوة بين العقود غير المحددة الاجل وتلك الموقتة. وطالب الحزبان ب"تجديد الديموقراطية" وبمزيد من الشفافية في الحياة السياسية لوضع حد للفساد. وقال فرانشيسكو بيريز (53 عاما) فيما كان يدلي بصوته لبوديموس في كاتالونيا (شمال شرق) المدينة القريبة من برشلونة "عشنا ثنائية الحزبين لاعوام طويلة. حان الوقت لتجديد السياسة". وفي مدريد, قال انتونيو فيلاسكو (28 عاما) الذي يعمل بوابا بعدما صوت لسيودادانوس ان "النخبة نأت بنفسها عن الطبقة الشعبية ولم تعد هناك طبقة وسطى".