يخلد فيلم "المسيرة الخضراء" للمخرج يوسف بريطل الذي عرض مساء الخميس في إطار المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الملحمة التاريخية للحدث الذي مكن المغرب من استرجاع أراضيه الجنوبية واستكمال وحدته الترابية. وتمت برمجة العرض في إطار فقرة "خفقة قلب"، بحضور المخرج وأفراد من طاقم هذا الفيلم الذي يكرس انشغالا لدى المخرج بالاشتغال على الذاكرة الوطنية والاحتفاء بلحظاتها الفارقة. وقال يوسف بريطل في كلمة قبيل العرض الذي احتشدت القاعة الكبرى لقصر المؤتمرات بجمهور متحمس لمشاهدته، إن الفيلم فرض نفسه عليه بالنظر الى بعده الوطني، موضحا أن الأمر يتعلق بشهادة على مرحلة تاريخية حاسمة صنعتها عبقرية الملك الراحل الحسن الثاني وشجاعة الشعب المغربي. ويتميز الفيلم بطابعه الملحمي الذي نقل صورة أقرب عن لحظة تاريخية، التفت حولها جميع الشرائح، بمقدماتها وتعاقب أطوارها. وبالموازاة مع ذلك، كان اختيارا ذكيا أن يبنى السيناريو على حكايات شخصية صغيرة، رسمت دوائر سردية فرعية، صبت كلها في المجرى العام للحدث الرئيس وهو المسيرة الخضراء. إنها حكايات تقاطعت فيها الكوميديا مع الدراما، فرسمت بورتريهات مختارة بعناية للفئات التي شاركت في صنع الملحمة. نساء، شباب، كهول، شخصيات أجنبية متضامنة، بما في ذلك عناصر كانت تعيش آنذاك حياة الشغب والانحراف، قبل أن تعيش التحول الكبير من داخل أجواء ذلك الحدث الذي بدا كأنه ولادة جديدة لمن شارك فيه، وللمغاربة عموما. ويربط الفيلم حدث المسيرة لعام 1975 بالزمن الحاضر، من خلال رحلة ذهنية لاستعادة المرحلة عبر ذاكرة ذلك الشاب الذي أصبح في خريف العمر (مراد الزاوي). هذه المراوحة بين الماضي والحاضر إشارة الى استمرارية شعلة النخوة الوطنية والتعبئة من أجل صيانة الوحدة الترابية للبلاد حية في نفوس أجيال ما بعد المسيرة الخضراء. أنجز الفيلم عن سيناريو ليوسف بريطل وديفيد فيلمان. وهو من تشخيص مراد الزاوي (علي)، ومحمد خيي (محمد)، ومحمد الشوبي (يوسف) والسعدية أزكون (فطومة)، ونادية نيازي (عائشة)، ورشيد الوالي (رشيد)، وإدريس الروخ (إدريس)، وغالية بنزاوي (زهور). وتميز الفيلم بجمالية الموسيقى التصويرية التي ألفها محمد أسامة، واستخدام موفق لتقنيات التصوير التي مكنت من نقل جانب من ضخامة أجواء التعبئة وموكب المسيرة، بالاضافة الى قوة الاستثمار الإنتاجي، لوجستيكيا وبشريا، في المشروع. ويتعلق الأمر بالفيلم المطول الثاني في تجربة يوسف بريطل ، بعد فيلم "الشعيبية" (2014) حول مسار حياة الفنانة الشعيبية طلال. ولد بريطل في مكناس. وبعد تخرجه من مدرسة التمثيل بالرباط، توجه إلى التنشيط التلفزي قبل الانتقال إلى ممارسة الإخراج. وتوازيا مع خوض تجارب الإخراج، مارس بريطل التشخيص، حيث لعب أدوارا مع أحمد بولان ملائكة الشيطان (حسين الصدر) قرية جميلة ، ولطيف لحلو (سميرة في الضيعة) ومحمد نظيف (الأندلس مون أمور). يذكر أن فقرة "خفقة قلب" مكنت الجمهور من مشاهدة تجارب متنوعة مغربية وأجنبية. ويتعلق الأمر ب "قطاع الطرق" لجوليان لوكليرك (فرنسا)، " كارول" لتود هاينز (المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة) ، "السيد هولمز" لبيل كوندون (الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة) " تذكر" لأتوم إكويان (كندا وألمانيا) "روك القصبة" لباري ليفنسون (الولاياتالمتحدة)، "ترومان" لسيسك كاي (إسبانيا والأرجنتين)، "الفرسان البيض" لجواكيم لافوس (بلجيكاوفرنسا)، ثم "لا يمكنك إنقاذ نفسك منفردا" لسيرجيو كاستيليتو (إيطاليا). تصوير محمد وراق