أبوظبي 02 دجنبر 2015/ومع/ شكلت العلاقات المغربية الإماراتية على مدى عقود من الزمن نموذجا يحتذى للعلاقات الثنائية القوية والوثيقة بين بلدين شقيقين وكبيرين. وبفضل العناية الخاصة التي يوليها قائدا البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان، فقد ارتقت هذه العلاقات، التي تمتد عراها ويشع وهجها من المحيط إلى الخليج العربي، إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية التي تقوم على أسس متينة ضاربة في القدم وتستشرف آفاق غد مشرق واعد. ومن المؤكد أن هذه العلاقات الوثيقة التي وضع أسسها، حكيما العالم العربي والإسلامي وقائداه المتميزان، المغفور لهما الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراهما، تغطي جميع المجالات والقطاعات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية. وعلى مدى التاريخ، شكل البلدان، نموذجا فريدا ومتميزا للتعاون البناء والمثمر والمربح للطرفين، حيث شكلت الدولتان الشقيقتان، خير دعم وسند في المحافل الإقليمية والدولية بخصوص القضايا المرتبطة بوحدتهما الترابية، إلى جانب وقوفهما القوي إلى جانب بعضهما البعض من اجل بناء واستكمال مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كلا البلدين. كما يتجلى عزم البلدان الأكيد في إرساء آليات متينة للتعاون الثنائي في إبرام عدد من الشراكات شملت الميادين السياسية والاقتصادية والتجارية والمالية. وهكذا، وقع البلدان، بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، للمملكة في مارس الماضي، على 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم تشمل مختلف المجالات. وتأتي هذه الاتفاقيات لتعزيز علاقات التضامن الفعال والتقدير المتبادل والتعاون المثمر القائم بين البلدين الشقيقين. وقد شكلت المباحثات التي أجراها وزيرا خارجية البلدان، في أكتوبر الماضي بفاس، مناسبة للتعبير عن ارتياح البلدين لمستوى تقدم تطبيق مقتضيات هذه الاتفاقيات. وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ترتبط مع المملكة باتفاق للتبادل الحر تم توقيعه سنة 2001 ودخل حيز التنفيذ في 2003، قد احتلت المرتبة الثالثة على مستوى الاستثمارات الأجنبية بالمغرب خلال السنوات العشر الأخيرة. وساهمت الدولة، من خلال صندوق أبوظبي للتنمية، في تمويل عدد من المشاريع المهيكلة الكبرى بالمغرب من قبيل خط القطار الفائق السرعة الذي يربط طنجة بالدار البيضاء والمركب المينائي لطنجة المتوسط والطريق الساحلي بين طنجة والسعيدية. وقد بلغ إجمالي الاستثمارات التي قدمها صندوق أبوظبي للتنمية، نيابة عن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، لتمويل مشاريع تنموية بالمغرب، منذ سنة 1976، نحو 7,3 مليار درهم إماراتي (حوالي ملياري دولار)، خصصت لتمويل 64 مشروعا تنمويا تشمل، بالخصوص، قطاعات النقل والبنيات التحية والمواصلات والماء الصالح للشرب والإسكان والصحة والتعليم والفلاحة والكهرباء. ومن جانبها، تحرص المجموعات الاستثمارية الإماراتية على الانخراط في مشاريع عديدة بالمغرب، ولاسيما في قطاعات الاتصالات والفنادق والأنشطة السياحية والصناعات الغذائية والعقار والطاقة، بفضل التحفيزات التي توفرها المملكة للمستثمرين والاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي والقرب من أوروبا، وفضلا عن كونها بوابة مثالية لولوج الأسواق الافريقية. كما يعكس هذا الحضور المتزايد في المملكة ثقة المستثمرين الإماراتيين في الاقتصاد المغربي الذي بات يتيح فرصا واعدة للاستثمار في عدة قطاعات تنموية. وفي هذا السياق، تعتبر دولة الإمارات من بين أولى دول مجلس التعاون الخليجي التي سجلت حضورا قويا ولافتا في السوق المغربية خلال السنوات الاخيرة باستثمارات نوعية ومهمة وداعمة لأوراش التنمية التي انخرط فيها المغرب، وهو ما يعكس قوة ومتانة وعراقة العلاقات بين الدولتين. وشكلت زيارة العمل والأخوة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في ماي الماضي لدولة الإمارات العربية المتحدة، مناسبة جديدة، للتأكيد على عمق العلاقات الثنائية، وحرص البلدين على الارتقاء بها إلى أعلى المستويات. وكان بلاغ للديوان الملكي، قد أبرز حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال مباحثاتهما، على تجديد التزامهما بمواصلة العمل على أعلى مستوى، من أجل توطيد علاقات التعاون والتضامن بين البلدين، التي تمتد جذورها لأزيد من أربعة قرون، والارتقاء بها إلى شراكة استراتيجية نموذجية. كما تمت الدعوة، في السياق ذاته، لاستكشاف المزيد من المشاريع الملموسة المنسجمة مع البرامج التنموية المهيكلة، وعلى أهمية مواصلة بلورتها وتنفيذها وفق مقاربة تشاركية، ينخرط فيها مختلف الفاعلين، في القطاعين العام والخاص.