بذل مسؤولون سياسيون في الأغلبية، مجهودات كبيرة لتبرير إقصاء المرأة من التشكيلة الحكومية، فكانت تبريراتهم أعذارا أقبح من الزلة، إذا اعتبرت هذه القضية مجرد زلة. وهو الأمر الذي يصعب تقبله. زعم أحد قادة حزب يصف نفسه بالتقدمي والحداثي، بأنه لم تتوفر لديهم نساء تلائم بروفايل الحقائب الوزارية المعروضة عليهم. وقال رئيس الحكومة، بعد التعبير عن أسفه، إن الأحزاب لم تجد، ربما من ترشح. كل هذا كلام غير صحيح، ويتضمن حمولة تحقيرية واضحة، ويتهم، ضمنيا، المجتمع المغربي بأنه عقيم، لم ينتج نساء يتوفرن على الكفاءات العالية في ميادين مختلفة، ويزعم أن الأحزاب لا تضم في صفوفها نساء مؤهلات لتسيير قطاعات وزارية. لا أيها السادة! لو كانت لديكم الإرادة الصادقة في إشراك المرأة المغربية في التشكيلة الحكومية، ولو فتحتم أعينكم قليلا، لوجدتم نساء أكثر كفاءة من عدد غير قليل من الرجال الذين استحوذوا على حقائب وزارية. لكن الثقافة المحافظة، التي تقلل من شأن المرأة، لا تزال تسيطر على طبائعكم وسلوككم، رغم الشعارات التي لا تتوقفون عن ترديدها على مسامعنا، لا فرق بين اليميني منكم والتقدمي. وحتى أولائك الذين ينتقدونكم من موقع المعارضة، لا يختلفون عنكم. إنها الطبقة السياسية المغربية التي لم تتحرر بعد من تخلفها الثقافي والحضاري، ولم تصبح الثقافة والممارسة الديمقراطيتين، بعد، جزء من طبيعة الرجل السياسي المغربي الذي يتمسك بهيمنته على القرار السياسي لتسخيرها لصالحه. ما يؤكد هذا الطرح، هو اعتراف عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، عندما برر اقتصار حزبه على تقديم امرأة واحدة بالمنهجية الديمقراطية التي اعتمدها في اختيار مرشحيه للمناصب الحكومية. منهجية جميلة أعطى بها حزب العدالة والتنمية درسا بليغا لباقي الأحزاب المتحالفة معه، لكنها منهجية تخدم الذكور فقط. ولو كان عبد الإله بنكيران وأصحابه يريدون فعلا تمثيلية عادلة للمرأة في حكومتهم لوضعوا ضمن منهجيتهم «كوطا»مشرفة خاصة بالنساء. هذا واجب كان عليهم أن يقوموا به خاصة وأنهم يقودون أول أغلبية حكومية مطالبة بتنزيل مضامين الدستور الديمقراطية والحداثية. وهذا ورش لبناء المستقبل الجديد ما كان عليهم الانطلاق فيه بعثرات من هذا الحجم.