خلد المغرب وفرنسا مساء أمس الثلاثاء بباريس، بحضور صاحب السمو الملكي الامير مولاي رشيد، الذكرى الستون ، لاتفاقات لاسيل سان كلو، التي وضعت حدا لمنفى المغفور له محمد الخامس طيب الهم ثراه، وبدء المسلسل الانتقالي نحو استقلال المملكة. والتقى المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه رئيس مجلس الوزراء الفرنسي انطوان بيني في السادس من نونبر 1955 بقلعة لاسيل سان كلو. وعرض أنطوان بيني خلال هذا اللقاء على السلطان محمد الخامس، المبادىء العامة لسياسة الحكومة الفرنسية ،من خلال بيان مجلس الوزراء في الخامس من نونبر 1955 . واكد المغفور له محمد الخامس موافقته على هذه المبادىء،وكلف باتفاق مع الحكومة الفرنسية ، مجلس العرش الذي اسس في 17 اكتوبر 1955 ،واستقال في الثالث من نونبر 1955 ،بالاستمرار في تسيير الشؤون الجارية للبلاد. كما اكد المغفور له محمد الخامس ارادته في تشكيل حكومة مغربية ، للتدبير والتفاوض، تمثل مختلف توجهات الرأي المغربي. وكان من بين مهام هذه الحكومة اعداد الاصلاحات المؤسساتية التي تجعل من المغرب دولة ديموقراطية، بملكية دستورية،والاشراف الى جانب فرنسا على قيادة المفاوضات الرامية الى تمكين المغرب من وضع دولة مستقلة تجمعها بفرنسا روابط دائمة لاستقلال محدد وعن طواعية. وكان المغفور له محمد الخامس وانطوان بيني متفقين على التأكيد ان فرنسا والمغرب، يجب ان يبنيا معا وبدون تدخل الغير مستقبلهما التضامني، وتأكيد سيادتهما ، بالضمان المتبادل لحقوقهما وحقوق مواطنيهما ، وفي اطار احترام الوضع الذي انتجته العاهدات مع القوى الاجنبية . وأكد وزير الشؤون الخارجية الفرنسي ، لوران فابيوس مساء الثلاثاء بباريس ان الدفاع الشجاع عن مصالح المغرب، لم يمنع قط المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، من تمتين روابطه العميقة مع فرنسا، ولا تضامنه في المحن. وذكر فابيوس خلال حفل العشاء الذي اقيم تخليدا للذكرى الستين لاتفاقات لاسيل سان كلو، الذي تميز بخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي تلاه صاحب السمو الملكي الامير مولاي رشيد، بان الجنرال دوغول ،منح المغفور له محمد الخامس، لقب رفيق التحرير، رابطا هذه الذاكرة بذاكرة المغفور له الحسن الثاني الذي كان الى جانب والده في منفاه، كما هو الشأن خلال عودته المظفرة الى المغرب. واشاد فابيوس بكل الذين صاحبوا بفرنسا الطموح المشروع للمغرب الى استقلال كامل، مشيرا الى انه يتعين على فرنسا ان تكون فخورة بهذا الموروث. وقال فابيوس انه بعد ستين سنة على اتفاقات لاسيل سان كلو، التي وضعت حدا لمنفى المغفور له محمد الخامس،وبدء مسلسل الانتقال نحو استقلال المملكة، استطاع البلدان "تعزيز تضامنهما ،وتقديرهما واخوتهما"، مؤكدا ان المستقبل التضامني لفرنسا والمغرب، "يتميز اليوم، بزخم وارادة كبيرة للتحرك معا على كل الجبهات ،بدعم من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئيس فرانسوا هولاند". واضاف ان البلدين يتحركان من اجل حل ازمات ليبيا والشرق الاوسط، وفي منطقة الساحل، ويتعاونان بشكل متين من اجل انقاذ كوكب الارض من الاحتباس الحراري، واصفا توقيع صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس فرانسوا هولاند على نداء طنجة حول المناخ بأنه "غير مسبوق". واكد ان فرنسا والمغرب يضطلعان بدور حاسم لتحقيق التقارب بين ضفتي المتوسط من اجل تطوير التجارة والمقاولات والبحث والابتكار، مضيفا ان "العلاقات القوية بين البلدين في المجال الثقافي تسهل التنمية وتكفل الامن وكل ذلك يصب في خدمة للشباب ". وابرز ان باريس والرباط يبذلان جهودا من اجل مكافحة الارهاب، ويواجهان تدفق الهجرة، من خلال ابتكار معا مقاربة جديدة. وأشاد رئيس الدبلوماسية الفرنسية بتبني دستور 2011 الذي يقر في ديباجته بتعدد الهوية المغربية العربية الاسلامية،الامازيغية، الصحراوية الحسانية، وبتعدد روافدها الافريقية ، الاندلسية، العبرية، المتوسطية. وخلص الى القول ان المغرب اختار بتبني الدستور الجديد مسار الانفتاح في اطار الاستقرار،وجعل من التسامح مبدأ له. وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أكد في الخطاب الذي وجهه بالمناسبة ، ان تخليد الذكرى الستين لاتفاقيات "لاسيل سان كلو"، يعد لحظة من تلك اللحظات، التي طبعت تاريخ بلدينا الغني، وأبرزت خصوصية الروابط القوية التي تجمع بينهما.