قد جعلت العولمة العالم عبارة عن قرية صغيرة، وأصبح الفرد يبني تصوره عن الجمال انطلاقا من النماذج التي يراها في السينما والتلفزيون، والمجلات كنجوم السينما، والرياضة، الذين أصبحوا هم النموذج سيما لدى المراهقين، الذين لم تتكمل بعد شخصيتهم بعد، هؤلاء الذين يحاولون ما أمكن تقليدهم، ما داموا هم النموذج الكامل، لتتحقيق الاندماج داخل المجموعة التي ينتمي إليها: فريق، زملاء الدراسة000، هؤلاء المراهقون تحولوا إلى راشدين فيما بعد واكتسبوا تلكم التصورات عن الجمال وأصبحت لديهم نظرة وتمثلات قيمية جديدة عن الجمال0 في ستينات القرن الماضي كان ينظر إلى المرأة الممتلئة في بلادنا هي نموذج المرأة الجميلة الذي يجب الاحتذاء به، وفي القرن الثامن بأوروبا كان يسود نفس الاعتقاد لدى الأوروبين، حيث كانت تجد النساء النحيفات صعوبة في إيجاد شريك حياتهن، نفس الأمر نجده لدى القبائل الصحراوية في جنوب المغرب، حيث المرأة السمينة هي عنوان الجمال0 غير أنه منذ سنة 2000 إلى الآن بدأنا نلحظ اهتماما غير مسبوق بالرياضة لدى النساء من أجل الحصول على قوام ممشوق ووزن مثالي، سيما لدى النساء في الوسط الحضري، ما يدل على أن معايير الجمال قد تغيرت لدى المجتمع المغربي، هذا الاهتمام بقوام الجسد الذي يعتبر من صفات الجمال، يكاد يقل أو ينعدم في الوسط القروي، بينما يتركز الاهتمام بما هو جمالي في الجسد عبر بإصلاح العيوب من قبيل الندب، العلامات التي يسببها حب الشباب مثلا في الوجه، للحصول على طلة مشرقة، هذا التغيير ناتج عن بروز ثقافة جديدة: فشباب اليوم الذين أصبحوا يستلهمون نماذجهم من نجوم الفن والرياضة، وعارضي الأزياء، عبر البحث عن طرق لمحاكاتهم وتقليدهم، في قصات الشعر، وال«لوك»، وقد يصل الأمر إلى التزين بالحلقات! والوشوم التي يضعها بعض النجوم، بما أنهم هم الأنموذج، في عالم أصبح اليوم صغيرا بفعل العولمة0 ولنفس الأسباب أصبحنا نرى العديد من الرجال والنساء على السواء يلجؤون إلى حلول جراحية تجميلية في محاولة لإصلاح بعض العيوب، والبحث عن تحقيق رضا ذاتي عن شكلهم. وهذا عادي، أما حينما تتحول هذه الحلول التجميلية إلى هوس وبإفراط، فحين إذن يجب القلق، سيما إذا كان الشخص تسبب له هذه العيوب نوعا من العزلة وفقدان الثقة في النفس، والابتعاد عن مخالطة الآخرين، وطرح تساؤلات وجودية مقلقة عن ذاته، وغيرها من الاضطرابات النفسية التي تؤدي بالشخص إلي أن يتحول إلى شخصية حذرة، إنطوائية، وإتكالية غير قادرة على الاندماج وسط المجتمع.