افتتحت، مساء الخميس بفاس، فعاليات الدورة 18 للمهرجان الوطني لفن المديح والسماع الذي تنظمه الجماعة الحضرية لفاس خلال الفترة ما بين 9 و 17 أكتوبر الجاري، تحت شعار "دور السماع في إشاعة قيم التآلف والمحبة الإنسانية". وقدمت مجموعة دار بناني من فاس والمجموعة التازية لمدح خير البرية من تازة، في اليوم الافتتاحي، سلسلة من العروض الفنية، أتحفت جمهورا عريضا من ساكنة العاصمة الروحية بوصلات موسيقية وتراثية جسدت تشبت المغاربة بهذا التراث الفني ذي البعد التاريخي والديني الراسخ. وقال رئيس الجماعة الحضرية لفاس ورئيس المهرجان إدريس الأزمي الإدريسي في حفل الافتتاح، إن هذا الموعد الثقافي والفني الذي يشارك فيه ثلة من المثقفين والفرق الصوفية يعكس أصالة الثقافة المغربية ومتانة الروابط المشتركة التي تصل شمال المغرب بجنوبه وصحرائه، وعمق التلاقح الثقافي بين المغرب وبقية الشعوب الافريقية والمشرقية في مجال السماع الديني والتعبير الصوفي. وأضاف الأزمي أن شعار هذه الدورة يعبر عن اعتزاز المغاربة بثقافتهم الأصيلة وتشبثهم بهويتهم وبمورثهم الفني والثقافي، معتبرا أن هذا الفن التراثي الراقي، يشكل رافد أساسيا لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وآلية للحوار الحضاري ونشر قيم السلام والمحبة الانسانية. ومن جهته، أكد رئيس اللجنة العلمية للمهرجانات التراثية بفاس رشيد بناني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن المهرجان الوطني لفن المديح والسماع الذي دأبت الجماعة الحضرية لفاس على تنظيمه كل سنة، أضحى من تقاليد مدينة فاس وتراثا فنيا يتم إحياءه بالعديد من المدن المغربية العريقة والعتيقة. وأبرز بناني أن العاصمة الروحية للمملكة، تتشرف بالاعتناء بهذا التراث المغربي من خلال تنظيم تظاهرة وطنية تعنى بفن المديح والسماع، مشيدا في نفس الصدد بدور الزوايا في احتضان هذا الموروث الفني لمدة قرون متتالية وترعرعه فيها حتى أصبح فنا عريقا وأصيلا. ويتضمن برنامج النسخة 18 من المهرجان، تنظيم مجموعة من العروض الفنية الخاصة بليالي الذكر والوصلات الفنية الصوفية التي ستحتضنها عدد من الزوايا المعروفة بدورها الكبير في صيانة ونشر هذا التراث الفني منها جلسة للسماع الصوفي والمديح بالزاوية الوزانية وأخرى بالزاوية الدرقاوية وثالثة بزاوية ماء العينين فضلا عن تنظيم حفل فني للسماع والمديح بزاوية سيدي أحمد التيجاني وكلها فضاءات توجد بالمدينة العتيقة. وتنشط هذه الدورة، التي يتزامن تنظيمها مع الاحتفالات المخلدة للموسم السنوي لمولاي إدريس الأزهر مؤسس مدينة فاس، فرق ذائعة الصيت من مختلف المدن المغربية منها مجموعة صفوة المحبين ( الرباط ) والمجموعة الكبرى لمادحي مدينة فاس ومجموعة الحضرة الشفشاونية ( شفشاون ) بالإضافة إلى المجموعة الكبرى لمادحي الدارالبيضاء . وموازاة مع هذه السهرات واللقاءات الفنية تتميز دورة هذه السنة في الشق الأكاديمي بتنظيم ندوة فكرية ستبحث موضوع ( دور السماع في إشاعة قيم التآلف والمحبة الإنسانية ) بمشاركة مجموعة من الباحثين والمتخصصين في هذا الموروث الثقافي والفني إلى جانب تنظيم مباراة في فنون السماع لفائدة الشباب ( أقل من 20 سنة ) وكذا معرض لفنون السماع والتراث بأحد الساحات العمومية.