في الدارالبيضاء صحراء كبيرة، كلها رمال صفراء متحركة، يغرق فيها المرء إذا ما غامر ودخل المدينة الصحراوية المغربية الكبيرة في طنجة لا فنادق سوى فندق وحيد يقال له شهرزاد يحيي فيه عشاق الليل والسهر ذكرى هاته الملعونة التي كانت تروي لشهريار كل ليلة قصة جديدة لئلا يقتلها في المغرب حكايات وروايات عن الإخوان المسلمين الذين لا يحلمون إلا بسبي النساء، والذين خرجوا من الحكومة بفضائح جنسية متعددة. في المغرب أيضا أساطير الأولين والآخرين رواها للناس دون عنعنة، بل بالمشاهدة المباشرة رجل صادق جليل يسمى توفيق عكاشة، شهرته بين القوم أن لديه قناة تسمى "الفراعين" يفعل فيها مابدا له اليوم كله يشعل توفيق تلفزيونه في الصباح، يدخن نارجيلته "على رواقة"، ينادي صديقته وشريكته في البرامج الدائمة حياة "إنتي فين يابت ياحياة؟" تخرج حياة من الحمام "وكل خد عليه خوخة" مثلما تقول الأغنية المصرية الجميلة، تقول له "أنا هنا ياسي السيد". يضحك بغنج ودلال ويقول لها "ارقصي لي يابت". ترقص حياة لتوفيق طويلا، هي لاتستطيع أن تقول له شيئا، وحين يناديها أن هيا بنا إلى الهواء مباشرة تقول له "هيت لك" ويذهبان يبدأ برنامج توفيق عكاشة في لحظة من اللحظات وينتهي في لحظة من اللحظات. لا توقيت له ولا وتيرة بث ولا أي عائق من عوائق التلفزيون التي يعرفها العالم الفسيح كله. لماذا؟ لأن توفيق عكاشة عالم لوحده، رجل /أمة، شيء فريد لم يجد العالم به من قبل ولن يجود به من بعد. يعتقد أنه هو الذي أسقط مرسي من حكم مصر، وأنه هو الذي حرك ثورة الثلاثين من يونيو، وأنه هو الذي أوحى للرئيس السيسي بكل مافعله حتى الآن. ثم تدور بعكاشة الدوائر، ويكتشف أن السيسي لم يلتفت إليه، فيقول له ورفقته حياة دائما إنه غاضب منه وأنه "زعلان قوي" وأنه سوف يقفل القناة الفرعونية وسيهاجر إلى مكان ما. يدخل عكاشة السجن لأيام قليلة ويطلب صفحا كثيرا وغفرانا عما بدر منه وفي الهواء المباشر. يقول لحياة إنه لم يكن ليفعلها لولا أن طلبها منه عمه أو خاله الكبير. عكاشة يحترم العائلة ويحترم "العزوة" ويحترم القبيلة والأهل، لكنه لايحترم مشاهديه، ولا يحترم المهنة التي يقول إنه دكتور فيها لذلك أتى عكاشة إلى التلفزيون منذ أيام وقال أساطير عجيبة عن المغرب جعلتنا نحن المغاربة نتحسس رؤوسنا أولا ونسأل بعضنا البعض "الجدع دا بيقول إيه؟" بحثنا في الصنف الذي تناوله عكاشة حين كان هنا، لم نجد جوابا أكيدا. اتهمنا باعة المخدرات القوية بأنهم أعطوه شيئا غريبا للغاية أطار عقله حين زار المغرب، مرة أخرى لم نتأكد. بحثنا وبحثنا وفي الأخير اهتدينا إلى الجواب: عكاشة، وحين أتى إلى المغرب مر مباشرة إلى "الباطوار". أكل لحم رأس على الطريقة المغربية، وهو لايشبه "لحمة الراس" مثلما يرتكبونها في المحروسة مصر هنا نصر أثناء تبخير رأس الخروف على أن نضع قربه توابل عديدة، وأن نزينه ب"العشوب". راس الحانوت أو ورقة سيدنا موسى أو الكوزة. واحدة من هاته الأعشاب "السامة" هي سبب ماقاله عكاشة في برنامجه عن المغرب الساحر العجيب الذي أطار عقله دفعة واحدة. له منا الشكر والتقدير على التحية والتنويه، ولنا منه لعنات كثيرة سيقولها لنا عبر برنامجه حين سيقال له إن المغاربة كلهم يضحكون منه وهو يتحدث عن الإخوان المسلمين الذين لا يحلمون إلا بسبي النساء عكاشة، يافراع يازعيم الفراعين، وله ياتوفييييق، إنتا ياجدع، إنتا بتقول إيه ياعم؟