سوف نطوف اليوم على وجوه أعضاء مجلس النواب الجديد بنظرات متفحصة متسائلين: هل يواظبون على الحضور وعلى متابعة أشغال المؤسسة التشريعية؟ هل تتغير صورة قاعة الجلسات من قاعة فارغة على مدار السنة إلى قاعة ممتلئة باستمرار؟ من المفروض أن يحصل ذلك، فالدستور مكن مجلس النواب الجديد من صلاحيات واسعة في التشريع وفي مراقبة العمل الحكومي. و أصبح النواب مطوقين بمسؤوليات جسيمة في ما يتعلق بالتطبيق السليم والفعال للدستور. فهل يكونون في مستوى ذلك؟ سوف يشتغلون مع حكومة من تركيبة غير مسبوقة، فهم من ينصبها ويمنحها الثقة أو ينزعها عنها، وهم من يفرض عليها تقديم الحساب أمامهم، وهم من يراقب عملها ويقيمه، فهل ينجحون في جعلها تحسب لهم الحساب أم يتحولون إلى غرفة تسجيل تصفق على كل ما قامت وتقوم به؟ هل يحولون جلسات الأسئلة الشفوية إلى جلسات مراقبة حقيقية، وحوار بناء ومفيد بينهم وبين الوزراء، يغري المواطنين بمتابعته والاهتمام به، أم يعيدون انتاج نفس الجلسات المملة والروتينية التي كانت سمة جلسات البرلمانات السابقة؟ لكي تجيب هذه الجلسات على ما هو مطلوب منها لابد من إعادة النظر في طبيعتها ومواضيعها، وفي طريقة تنظيمها وتدبيرها، وفي أسلوب تواصلها مع المواطن. هذه كلها أمور معروفة لدى الجميع لطالما تم تداولها وتكرارها في الولايات البرلمانية السابقة، لكن المشكل هو عدم معالجتها المعالجة الضرورية آنذاك، واليوم لا يوجد أي مبرر يمكن الدفع به لعدم القيام بما هو مطلوب لإضفاء المصداقية على العمل البرلماني. وإذا كانت حركة الترحال وتغيير الألوان الحزبية والسياسية قد أصبحت محظورة، وإذا باتت الحصانة البرلمانية مقتصرة على إبداء الرأي وحرية التصويت أثناء مزاولة النائب لمهامه، ولم تعد وسيلة للتهرب من المساءلة عند ارتكاب المخالفات وارتكاب أفعال يجرمها القانون ويرتب على اقترافها الجزاءات المناسبة، فإن ذلك لا يكفي لكي تتحسن صورة البرلمان أمام الرأي العام. وبالتالي فلا مهرب للمسؤولين الجدد من التحلي بالشجاعة السياسية لوضع الخطط والآليات الناجعة لكي ينجح البرلمان في إضفاء المصداقية على عمله، ويساهم في خلق الثقة لدى المواطن في المؤسسة التشريعية.