آلت رئاسة مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة ،اليوم الاثنين، الى إلياس العماري عن حزب الاصالة والمعاصرة ، الذي حقق فوزا عريضا عن منافسه من العدالة والتنمية مستقطبا أصواتا من المعارضة كما من الأغلبية وفق تحالف له طابعه الجهوي ،قد يكون له تأثير على المشهد السياسي بالمنطقة مستقبلا. فقد نال مرشح حزب الاصالة والمعاصرة لرئاسة مجلس الجهة 42 صوتا لأعضاء المجلس ،الذين ينتمون الى حزب التجمع الوطني للأحرار (7 أصوات) وحزب الاستقلال (7 أصوات) وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (4 أصوات) وحزب الحركة الشعبية (4 أصوات) والاتحاد الدستوري (صوتان) اضافة الى 18 صوتا لاعضاء حزب الاصالة والمعاصرة، فيما نال مرشح حزب العدالة والتنمية المنافس أصوات ممثلي حزبه (16 صوتا) وأصوات ممثلي حزب التقدم والاشتراكية (4 اصوات). ويتبين من الوهلة الأولى على ان اختيار رئيس الجهة من الحزب الحاصل على اكبر عدد مقاعد الجهة (18 مقعدا) يحترم المنطق واصوات الناخبين ورغبتهم التي مكنت حزب الاصالة والمعاصرة من احتلال المرتبة الاولى ،كما يظهر من خلال قراءة رقمية بسيطة انه كان بالإمكان ان يحصل مرشح الاصالة والمعاصرة على الاغلبية النسبية لتبوئ موقع الرئاسة لو صوت عليه ممثلو احزاب المعارضة البرلمانية فقط دون حاجة الى اصوات احزاب الاغلبية البرلمانية. واضافة الى ذلك لم يخضع تصويت اعضاء مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة لمنطق التحالفات المركزية على مستوى البرلمان والحكومة ولا للقرارات التي أعلنتها قيادات بعض الاحزاب سواء من المعارضة او الاغلبية الحكومية لدعم مرشح دون الآخر، إذ صوت الاعضاء المنتمون لحزب التجمع الوطني للأحرار ولحزب الحركة الشعبية كلهم دون استثناء لمرشح حزب الاصالة والمعاصرة . ورغم ان هذا التصويت مرتبط بقناعاتهم الشخصية والدوافع السياسية الكامنة وراء هذا التصويت ،الا انه لا يتجاوب مع القرار المركزي الذي اتخذه حزب الحمامة ولا مع منطق التحالف الحكومي ، وهو الأمر ذاته الذي يمكن ان يقال عن الاعضاء المنتمين الى حزب الحركة الشعبية ،الذين ناصروا مرشح "البام" ،مع استثناء اعضاء حزب التقدم والاشتراكية من الاغلبية البرلمانية ،الذين التزموا بالقرار المركزي بخصوص التحالفات . وأفرزت عملية التصويت على رئاسة الجهة أيضا تشكيلة لمكتب مجلس الجهة تتكون فقط من ممثلي نفس الاحزاب ،التي تحالفت لتمكين إلياس العماري من رئاسة الجهة ،فيما بقي ممثلو حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية خارج اطار مكتب المجلس ليتركوا المجال لأغلبية الجهة الجديدة لتدبير شؤون المنطقة لولاية تمتد لست سنوات . واذا كانت انتخابات مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة قد شكلت خريطة جديدة للمشهد السياسي واوضحت للعيان من سيقوم بدور المعارضة ومن سيقود سفينة الجهة من موقع المسؤولية التدبيرية ،فان هذه الانتخابات سيكون لها انعكاس على انتخابات رئاسة ومكاتب المجالس الاقليمية ومجالس الجماعات الخاصة بالمنطقة . ويبقى السؤال الاساسي هو هل سيلتئم نفس التحالف ،الذي أفرزته انتخابات مجلس الجهة، لانتخاب رؤساء واعضاء مكاتب مجالس الاقاليم والعمالات والمجالس الجماعية خلال الايام القادمة ،أم أن لكل تحالف زمانه ومكانه ،وبالتالي ستتشكل تحالفات جديدة وفق معايير أخرى خاصة على مستوى مدن تطوان والعرائش ووزان والقصر الكبير والمضيق والفنيدق ،التي يحتد فيها الصراع على الرئاسة بين شخصيات تمثل احزابا تحالفت على مستوى الجهة . كما أن التحالف الذي أفرز أغلبية مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة قد يكون له تأثير على سير التحالفات على المستوى المركزي ،لأهمية الجهة اعتباريا واقتصاديا وتأثير شخصيات حزبية قيادية وازنة ترشحت بالمنطقة ولها نفوذ سياسي محلي ووطني يمكن ان يكون له تأثير على مجرى الاحداث السياسية بالمنطقة . ويبقى الرابح الاكبر من نجاح العملية الانتخابية عامة على مستوى جهة طنجةتطوانالحسيمة ،بغض النظر عن التحالفات الآنية والمستقبلية بين الفرقاء السياسيين ، هو العملية الديموقراطية في حد ذاتها وانخراط القاعدة الناخبة في بناء المؤسسات وتدبير الشأن العام المحلي لتحقيق اهداف التنمية في بعدها الشمولي.