يستعد قصر خملية (سبعة كيلومترات جنوب مرزوكة) لاحتضان فعاليات الموسم السنوي لكناوة خملية أو "إسمخان" بالتعبير الأمازيغي، خلال الفترة الممتدة من 13 إلى 15 غشت الجاري. ويعد هذا الموسم من أهم المواعيد السنوية الكناوية، التي تتيح للباحث فرصة التعرف على جوانب متعددة من هذا الفن، الذي ينفرد عن باقي أشكال التراث الغنائي بالمنطقة، والتي حافظت على أصولها على مستوى التقاليد والأزياء والآلات الموسيقية المستعملة، كما يشكل فرصة للاحتفاء بأهازيج تؤرخ لذاكرة جمعية وتقاليد وتراث إنساني عريق فريد من نوعه. وأهم ما يميز اليوم الأول من هذا الموسم، الذي دأبت على تنظيمه جمعية كناوة خملية هو إعداد وجبة عشاء من الكسكس بلحم الماعز والأغنام يدعى إليها الحضور لتقاسم بركة وفرحة الكناويين في هذا المكان الزاخر بطقوس وتقاليد تمتد جذورها حد التماهي التام مع الكثبان الرملية التي تتخذ منها مجرى تتدفق عبره الكلمات والموسيقى في مزيج متفرد. وتحرص مجموعة كناوة على أداء الوصلات الكناوية في طبعتها الأصلية، على إيقاع القراقب والطبل وأثناء الوصلات، تتاح الفرصة للزوار من أجل المشاركة في الرقص، والاستمتاع بأنغام وأناشيد وأشعار الفن الكناوي الصحراوي (العفو يامولانا، داوينا يامولانا) الذي تطبعه البساطة وروحانية العيش مستحضرين الجذور الإفريقية ومساهمين في ترسيخ تقليد ضارب في القدم. وأبرز رئيس جمعية كناوة خملية الحسين فركلي، الغنى والتنوع الذي تزخر به خملية كأحد القصور بمنطقة الجنوب الشرقي التي ما تزال تتشبث بتراثها وتحرص على نقله إلى الأجيال القادمة، مضيفا أن هذا الموعد السنوي يشكل فرصة لتنامي السياحة وخلق رواج اقتصادي بالمنطقة، خصوصا وأن تنظيم هذا الموسم يتزامن وفترة الصيف التي تعرف إقبالا كبيرا للوافدين المغاربة والأجانب على مرزوكة من أجل الاستمتاع بروعة الطبيعة الصحراوية وأخذ حمامات رملية يعتقد أنها تشفي بعض الأمراض. وأكد الفاعل الجمعوي أن الأهازيج الشعبية الكناوية تمتح من الإيقاعات الإفريقية مصحوبة بأذكار روحانية يؤديها الكناويون في حركات متناسقة ونغمات روحية من عمق الجنوب الشرقي للمغرب، مبرزا الطابع العلاجي لهذه الأنغام حيث ترتقي اللحظات الموسيقية المصحوبة خلال الليلة الصوفية بالإنسان إلى مرتبة أكثر سموا وصفاء.