يوم أسود عاشته قرية إيشت بإقليم طاطا بالجنوب المغربي الأسبوع المنصرم. واحة بأكملها تحولت في ساعات إلى رماد بعد أن أتت النيران على الأخضر واليابس بها، وكانت حصيلة الكارثة التهام النيران أزيد من أربعة آلاف شجرة نخل، ناهيك عن المحاصيل الزراعية من خضروات وزراعات علفية في انتظار أن تتدخل وزارة الفلاحة ومعها الحكومة لتخفيف المعاناة عنهم بتقديم الدعم الضروري للفلاحين. في منتصف ظهيرة حارة يوم الخميس المنصرم، ملأ الدخان سماء القرية التي لا تبعد عن مركز بلدية فم الحصن سوى سبع كيلومترات (150 كلم عن مدينة كلميم)، وبدأت ألسنة اللهب تلتهم النخلة تلو الأخرى، وتنتشر بسرعة كبيرة بين أشجار النخيل والأعشاب، خاصة مع وجود اليابس منها وارتفاع درجة الحرارة التي تفوق في المنطقة الأربعين في فصل الصيف خاصة في منتصف النهار. حين وصل الخبر إلى أهالي القرية الذين كان معظمهم في قيلولة، خاصة أن الشهر شهر الصيام وتحت حرارة مرتفعة، كانت النيران قد التهمت مساحات من الواحة ومعها أعداد من الأشجار وخاصة النخيل. استعان من أسرع من النساء والرجال والأطفال إلى عين المكان بالساقية ومياهها القليلة لإطفاء الحريق لكن دون جدوى. كان من الضروري الاستعانة بالوقاية المدنية، لكن بعدها لكيلومترات عديدة، منح الفرصة للنار لتلتهم المزيد من النخيل، وبعد ما يقارب أربع ساعات وصلت شاحنات الوقاية المدنية إلى عين المكان، إلا أن كثافة الدخان والانتشار السريع للنيران عقد مهمة رجال الإطفاء، ناهيك عن اتساع رقعة انتشار الحريق، قبل أن تتم الاستعانة بطائرتين متخصصتين في عمليات إخماد الحرائق. بعد مجهودات الساكنة المحلية وعناصر الدرك الملكي والوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية تم التغلب على الحريق وإيقاف زحفه، و لحسن الحظ لم تسجل أية خسائر في الأرواح، إلا أن الحريق خلف خسائر فادحة في الممتلكات وخاصة أشجار النخيل وأيضا المحاصيل الزراعية. وحسب مصدر من عين المكان، فإن النيران عادت في اليوم الموالي أي يوم الجمعة، وتم إخمادها بعد جهد جهيد بمساعدة أبناء القرية وعناصر الوقاية المدنية، في ظل تخوفهم من أن تلتهم ما تبقى من المجال الأخضر بالواحة. ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها الواحة لحريق مماثل، فمنذ سنوات قليلة التهمت النيران أعدادا كبيرة من أشجار النخيل، دون أن تتدخل المصالح المعنية وخاصة وزارة الفلاحة والحكومة لتقديم مساعدات مباشرة وإعانات للفلاحين المتضررين، خاصة أن الواحة تعد مصدر العيش الوحيد لهم. وبعد الحادث تعالت أصوات من المنطقة، تطالب بإحداث مركز للوقاية المدنية بالمنطقة وتعويض الفلاحين المتضررين، لغرس أشجار نخيل جديدة ومدهم بالأسمدة ومواكبتهم من بداية الغرس إلى جني الثمار، مع استفادة المنطقة من برنامج المغرب الأخضر وتنمية الواحات، الذي لم تستفذ منه قط.