ما أن تهاطلت بشكل متفرق زخات مطرية شديدة ابتداء من صباح السبت المنصرم إلى غاية مساء الأحد الأخير على مدينة الدار البيضاء، حتى استيقظت هواجس سكان العديد من الأحياء الشعبية من أن تتكرر «لعنة الفياضانات»، التي تصيبهم في كل فصل مطير. لم تخب ظنون من عاشوا السنة الماضية مأساة غرق العاصمة الاقتصادية خلال ساعات معدودة من نزول «أمطار الخير»، حيث وجد قاطنو درب الديوان أو الحي المعروف بين عامة الناس ب«بلوك 9 و10» بعين الشق، وأحياء الإنارة ومولاي عبد الله، أنفسهم أمام تهديدات محتملة لعلو منسوب المياه المتجمعة في الأزقة وأمام عتبات منازلهم ومتاجرهم، بعد بدأت البالوعات وقنوات التطهير تلفظ ما في جوفها من سيول متدفقة. نفس المعاناة شهدتها بعض الأحياء الصفيحية بسيدي مومن، التي أغرق فيها الوحل والبرك ما تبقى من كاريان طوما والرحامنة، بينما شقت جداول من مياه الواد الحار أرصفة وإسفلت شارع الحسين السوسي القريب. وشارع وأهل الغلام المجاور لكاريان السكويلة. فقد خلفت كمية الأمطار الأخيرة، التي سقطت على الدارالبيضاء مجموعة من الخسائر المادية بعدد من الأحياء المهددة دائما بالفيضانات الشتوية. كما تعطلت حركة السير أثناء ساعات الذروة في بعض الشوارع الرئيسية، سواء داخل وسط المدينة أو في باقي أرجائها. هذه الأمطار كادت أيضا أن تؤدي إلى توقيف وإتلاف الأجهزة الطبية للمرضى بإحدى المصحات الطبية التابعة لصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحي الإنارة، بالإضافة إلى إلحاق أضرار محدودة ببعض السيارات المركونة بأقبية العمارات السكنية بالمنطقة. ردود فعل السكان المتضررون بكل من أحياء الإنارة ومولاي عبد الله، كانت على شكل تذمر علني على عمال شركة ليديك خلال عمليات ضخهم المياه العادمة بقنوات الصرف الصحي مباشرة بعد هطول الأمطار على منطقة عين الشق خلال أربعة ساعات، تكبد فيها بعض أصحاب المحلات التجارية خسائر واضحة في السلع الغذائية والأجهزة الالكترونية، كما أضطر أرباب المقاهي إلى إغلاق محلاتهم، التي غمرتها المياه بشارع القدس. أحياء عين الشق وعلى وجه الخصوص درب الديوان، الذي يوجد في منخفض أشبه بحفرة كبيرة، يبقى من التجمعات السكنية القديمة، التي تغرق كل سنة في فيضانات الأمطار، حيث لم تغير الاحتجاجات والشكايات والدعاوي القضائية من هذا الواقع أي شيء، بالرغم مما يلحق بهم في كل فصل مطير من أضرار على مستوى الدور السفلية وما تحويه من الأثاث المنزلي والأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى المحلات التجارية وبعض المرافق العمومية. مما دفع بأبناء هذا الحي الشعبي إلى تأسيس جمعية محلية السنة الماضية من أجل التصدي لآفة الفيضان، الذي ظل يعاني منه آباءهم منذ عقود، دون أن تتخذ السلطات المحلية والمنتخبة والجهات المعنية بقنوات التطهير وصرف مياه الزمطار أي تدابير تقنية أو وقائية لحماية منازلهم ومتاعهم من أضرار السيول الجارفة، التي يصل علو منسوبها إلى أكثر من مترين خلال ساعات قليلة من هطول المطر.