أي معدل نمو لأي تشغيل؟ 5.. 6 أو حتى 7 في المائة؟ بين متحفظ ومتفائل جدا، تضاربت أرقام الأحزاب السياسية الوطنية وهي تعد برامجها للتنافس على مقاعد مجلس النواب القادم. لكن ما هو مؤكد حتى الآن على أرض الواقع أنه في أحسن الحالات لم يحقق المغرب إلا معدل نمو توقف عند حدود 4,7 في المائة. فما هي وصفة الأحزاب السياسية لتحقيق أكثر من ذلك؟ للجواب عن هذه السؤال، تقاطر بعد زوال أمس الخميس على مقر «الأحداث المغربية» عدد من اقتصاديين الطيف السياسي الوطني، في ندوة حضرها فتح الله ولعلو عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عادل الدويري عن الاستقلال، عبد الواحد سهيل عن التقدم والاشتراكية، إدريس الصقلي عن العدالة والتنمية، حفيظ حجي عن التجمع الوطني للأحرار، كما حضرها بوشعيب بنحميدة عن الاتحاد العام للمقاولات المغربية، فيما غاب ممثل عن إحدى المركزيات النقابية كان مرتقبا حضوره للندوة. بالنسبة للاستقلال، أقل الأحزاب تفاؤلا، فإن5 في المائة كمعدل نمو ليس منخفضا، بقدر ماهو مطمح واقعي، بالنظر إلى الظرفية الصعبة التي يجتازها شركاء المغرب الأوروبيين. هكذا ينظر الحزب على لسان الدويري إلى المسألة، لكن رغم ذلك، يؤكد هذا الأخير، فإنه عن طريق الإمكانيات المتاحة يمكن توظيف 20 ألف شخص في القطاعات التقليدية أكثر إلحاحية، نظير الأمن، الصحة، التعليم والعدل، لكن أيضا عبر توفير نخب إدارية محلية من أجل إنجاح ورش الجهوية المتقدمة، يسترسل عادل الدويري، قبل أن يشير إلى «أنه بالحفاظ على حجم الاستثمارات العمومية وتسريع تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية وتحسين مناخ الاستثمار وتبسيط المساطر، يمكن توفير 150 ألف منصب سنويا عن طريق القطاع الخاص». حزب العدالة والتنمية الذي لم يدخل تجربة الحكم بعد، يرى أن مشكل المغرب ليس في الإمكانيات، بقدر ما يرتبط بسوء الحكامة على جميع المستويات، لذلكك فتحقيق معدل نمو ب7 في المائة، قابل للتحقيق إذا ما تم «وضع المواطن كمحور للسياسية» على حد تعبير إدريس الصقلي، مؤكدا أن العدالة والتنمية يضع نصب عينيه ثلاثة خيارات استراتيجية تتمحور حول جعل الدولة في خدمة المواطنين وإطلاق المبادرة الحرة وكذلك إرساء نظام للتضامن وماهو سيمكن حسب الحزب من تخفيض معدل البطالة بنقطتين. « المسألة ليست أرقام»، بقدر ماهي حاجة إلى نفس جديد لن تمنحه إلا السياسة، والسنة الحالية هي سياسية بامتياز، في الوقت الذي تمثل السلطة تمثل العامل الرابع للإنتاج بعد الرأسمال و العمل والموارد. يؤكد فتح الله، قبل أن يشير أن التطور الذي شهده المغرب خلال العشرية الأخيرة، كان نتاجا خالصا للنفس الجديد الذي عرفه المغرب مع حكومة التناوب التوافقي أواخر التسعينيات، حيث كان المغرب قبل ذلك، حسب ولعلو، يسير بعنصرين هما الأمطار والمحيط الخارجي، لكن الإصلاحات التي بوشرت بعد ذلك ستمكن المغرب من الحد من تأثير هذه العاملين يسترسل القيادي الاتحادي مؤكدا أن الدستور الجديد يمنح شروطا أوفى لمواصلة الإصلاحات الكبرى التي تمكن من «تنويع» و «تمنيع» الاقتصاد الوطني لكن أيضا تحقيق النجاعة هذا دون إغفال فوائد الاندماج المغاربي التي تبقى صمام الأمان أمام ما تخبئه السنوات المقبلة. بالنسبة التجمع الوطني للأحرار الذي حدد نسبة نمو في6 في المائة إلى جانب حلفائه في «جي8»، فيعتبر ذلك مطمحا قابلا للتحقيق، شريطة وضع هدف يحدد «إلى أين نتحرك». يقول حفيظ حجي، أحد المساهمين في وضع البرنامج الاقتصادي للحزب، مؤكدا أنه بتوفير مناخ جيد للقطاع الخاص وتحسين مناخ الاستثمار لاستقطاب رؤس الأموال المتوجسة من الأزمة الاقتصادية بأوروبا يعد التجمع الوطني للأحرار بتوفير 200 ألف منصب شغل سنويا. نفس منحى ولعلو سار إليه عبد الواحد سهيل، مشيرا بدوره إلى العوامل غير الاقتصادية، محيلا إلى ما تحقق على هذا المستوى في عهد حكومة التناوب، داعيا في نفس الوقت إلى استثمار ما يوفره الدستور الجديد من آليات لتنفيذ أمثل للسياسات العمومية، وكذلك تسريع بطئ وتيرة النمو وخلق التجانس بين القطاعات الاستراتيجية. لذلك يقول سهيل فإن 6 في المائة كمعدل نمو التي يتوقعها حزب التقدم والاشتراكية، فتبقى «إرادية» كما هو الشأن بالنسبة لمطمح تحقيق 250 ألف منصب شغل وذلك استغلال الإمكانيات المتاحة، من قبيل الصناعة التقليدية والتعليم ما قبل المدرسي وكذلك «التفكير في كيفية استقطاب استثمارات للعالم القروي» عبر التشجير واقتصاد الواحات. «فمهما بلغت أرقام البرامج الانتخابية » فإن ذلك ليس وحده ضامنا لخلق فرص الشغل، يقول بوشعيب بنحميدة صوت «الباطرونا» في هذه الندوة، مشتكيا من الصعوبات التي تعترض مسيرة المقاولات المغربية، في الوقت الذي دعا إلى تخليق الحياة العامة وتحسين مناخ الاستثمار وخصوصا تبسيط المساطر، يشدد بنحميدة متمنيا لو يتم إعطاء الأفضلية للمقاولات المغربية فيما يتعلق بالمشاريع العمومية الكبرى كما كان عليه الشأن في تركيا، مما مكنها مقاولتها من مراكمة الخبرة تصول وتجول بها في عدد من دول العالم. أحمد بلحميدي