شهدت الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية، التي نظمتها جمعية هيئات المحامين بالمغرب مساء الجمعة 12 يونيو الجاري، حول القانون المنظم لمهنة المحاماة تحت شعار «من أجل دفاع قوي ومستقل»، في ضيافة هيئة المحامين بالقنيطرة، حالة انفعال وتوتر كبيرين، وذلك عقب كلمة النقيب عبد اللطيف بوعشرين، الأمين العام لاتحاد المحامين العرب الذي رفض بأن لا يقتحم استقلالية المحامين جسم دخيل. وشدد بوعشرين خلال كلمته على اسقلالية مهنة المحاماة وثوابتها والحفاظ على مكتسباتها وأعرافها وتقاليدها، مضيفا «لا يمكن بأي حال أن يقتحم استقلاليتها أي جسد دخيل يمس باستقلالية المحاماة ويختار موقع الوصي أو الولي على أمورها». كلام الأمين العام لاتحاد المحامين العرب أغضب وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، الذي نهض من كرسه بمنصة المتدخلين، محاولا الانسحاب من الجلسة، تضامنا مع القضاة ورفض اعتبارهم دخلاء لتتوالى بعض ردود فعل القاعة، لكن تدخل كل من رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، و باقي النقباء الذين امتصوا غضب الوزير، ليعدل عن قرار الانسحاب. وبعد ذلك أتم النقيب الأمين العام للمحامين العرب المثير للجدل كلمته، ليقاطعه أحد المحامين الشباب «مستعرضا الجرائم التي اقترفها نظام بشار الأسد ضد أزيد من 300 محام في السجون، في صمت على وضع العدالة بمصر، التي تحتضن مقر المحامين العرب». وخاطب بوعشرين القضاة بالخصم «الشريف» قائلا: «له اختصاصاته العامة المستمدة من القانون العام ولا موقع له في المشهد المهني إلا من خلال الطعون المهنية التي تثار أمامه من قبل ذوي المصالح». أما في ما يتعلق بالولاية على المؤسسات فقال بصوت مرتفع «فلن نقبل بها بأي حال من الأحوال». لم يفت بوعشرين التوقف عند الإشراف على عملية الامتحان الخاصة بمهنة ولوج المحاماة والمحامون أولى بالإشراف على هذه الامتحانات. أما رد النقيب محمد أقديم رئيس جمعيات هيئات المحامين بالمغرب على بوعشرين فكان قويا وصارما، إذ أكد «أن جمعيات هيئات المحامين هي من قررت عدم المشاركة في الحراسة، ونحن حريصون على حماية الاستقلالية ووجدنا اليد الممدودة من وزير العدل». ومن جانب آخر، أعاب أقديم على بعض الفايسبوكيين من المحامين اتهامه «بالانبطاح لوزير العدل والحريات وبالتمخزن»، وخاطبهم بكلمة «حرام». وردد قائلا «بدون خوف ولا مزايدة ماذا نريد؟ فالوزارة شريك أساسي، ولا يهمنا اللون السياسي للوزير، اليوم العدالة والتنمية وغدا حزب آخر أو تقنوقراطي، سأكون إيجابيا بمعية النقباء». ومن جهته أكد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات أن أفق الإصلاح المنتظر هو أن يكون عميقا وشاملا، إذ توقف في كلمته عند القانون التنظيمي للسلطة القضائية والقانون الأساسي ومواجهة الفساد وكل انحراف، وذلك من أجل ثقة المواطن. وتحدث الرميد عن عدد من الإصلاحات التي همت البنيات التحتية الاستقبالية والموارد البشرية ،وجديد مشروع التنظيم القضائي القائم على التخصص في إطار وحدة القضاء، معلنا أنه «لن أغادر الوزارة وجميع المشاريع مكتملة أو في طور الإنجاز في جميع محاكم المملكة». وأضاف وزير العدل بحرقة «ننتقل ليل نهار ونولي أهمية خاصة لمقرات المحامين معددا عدد من التجارب بمناطق مختلفة، مطالبا بضرورة تجاوز ما سماه «بالأنانية المهنية والصورة المهتزة». وقال الرميد «أرفض تكميم أصوات المحامين لكن بشكل هادئ ورزين، يكون النقاش»، مضيفا «أنا محام تسبوني لكن القضاة خط أحمر». وأكد الوزير نفسه أن «كلمة دخلاء دفعتني للكلام»، مصرحا بأن مواقف النقيب أقديم يصنع بها التاريخ وهو «تيلعب كبير». وعبر الوزير في تصريحات عقب انتهاء الجلسة ، كما تابعت «الأحداث المغربية» عن رفضه لكلام الأمين العام لاتحاد المحامين العرب قائلا «جاي من القاهرة وهو يعرف أن محكمة القاهرة والرئيس الأول هناك، من يتخد القرار»، فيما أكد محمد أقديم رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أنه مع الموقف الحضاري الرياضي في الاختلاف وأنا لست مخزنيا»، داعيا القضاة للحضور لمتابعة أشغال اليوم الثاني قيمة إضافية دون مجاملة. يشار إلى أنه شارك في أشغال هذه المناظرة محامون من جميع الهيئات المغربية، كما افتتح الجلسة كل من نقيب هيئة المحامين بالقنيطرة، ووزير العدل، والأمين العام لاتحاد المحامين، بينما خلال اليوم الثاني السبت 13 يونيو شهدت الندوة عدة ورشات من قبيل الانخراط والولوج إلى الممارسة المهنية، ثم التأديب والحصانة والطعون، والانتخابات والأجهزة المالية، إضافة إلى ورشة التحولات الكبرى في العالم. وحضرها وزير العدل ومسؤولون قضائيون وفعاليات حقوقية وإعلامية مهتمة.