صادقت لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية العمومية الفرنسية على بروتوكول التعاون القضائي الموقع بين المغرب وفرنسا، في نهاية شهر يناير الماضى بعد سنة كاملة من توتر العلاقات الأمنية والقضائية بين الطرفين. المصادقة على بروتوكول الاتفاق جاءت في ظل مناقشات بين مختلف ممثلى الفرق البرلمانية الفرنسية، أكدت في أغلبها على أهمية الاتفاق بالنسبة للبلدين ومؤكدة أن فرنسا « عليها أن تتوقف على إعطاء الدروس للمغرب أو باقي البلدان، لأن تجربتها التاريخية أثبتت أن دولة الحق والقانون تبنى في إطار سيرورة طويلة الأمد» كما جاء على لسان اليزابيث گيگو وزيرة العدل الفرنسية السابقة. المصادقة على بروتوكول الاتفاق القضائي بين المغرب وفرنسا وحد الفرقاء السياسيين داخل مبنى الجمعية العمومية خلال عملية التصويت، حيث انخرط نواب الحزب الاشتراكي والجمهوريين في منح أصواتهم لسريان الاتفاق في غياب ممثلي جبهة اليسار ومعارضة وحيدة من ممثلة حزب الخضر سيسل دوفلو. وتتوقع العديد من المصادر الفرنسية أن تتم المصادقة على تبني البروتوكول داخل الجمعية العمومية في 23 يونيو الجاري بعد عرضها على التصويت أمام كل الأعضاء. بروتوكول التعاون القضائي المغربي الفرنسي نص قانوني يتكون من ثلاثة مواد قصيرة تضمن «تشجيع، دائم ومستمر، لتعاون فعال بين البلدين وتعزيز تبادل المعلومات». البروتوكول ينص أيضا على أن قضاة التحقيق الفرنسي يتوجب عليهم من الآن فصاعدا مراسلة السلطات المختصة داخل فرنسا قبل توجيه أي قرار إحالة أو إنابة أو إشعار للمغرب، في إطار الملفات التي يحققون فيها والتي تتضمن أفعالا أو أحداثا وقعت في المغرب. ولعل هذه النقطة من البروتوكول هي التي استغلتها بعض الأطراف، ذات الأصوات المحدودة في فرنسا، لضرب الاتفاق معتبرة أن الأمر يتعلق «بتقليص واضح في خصوصيات القضاة الفرنسيين ». وهو ما ردت عليه اليزابيث گيگو بالقول « نحن في فرنسا مطالبون بتحيين مقاربتنا حول الحقيقة المغربية. لقد تغيرت الأمور هناك كثيرا وعلينا أن نتوقف عن تعيين أنفساء رقباء مغرورين ولكن أن نساند الجهود المبذولة هناك ... ». في نفس السياق، توجه جاك ميار عن حزب ساركوزي الجديد « الجمهوريين » لنقابة القضاة التي أبدت تحفظها عن بعض بنود البروتوكول بالقول «قضاتنا غير واعون بالصعوبات الدبلوماسية التي قد يجرها هذا التحفظ علينا. عليكم أن تعلموا أن هناك أناس آخرين في هذا العالم يفكرون بطريقة مخالفة تماما لأساليب تفكيركم». لوك شاتيل وزير العدل السابق ثمن الاتفاق وأكد أن السلطات القضائية المغربية في حاجة اليوم إلى دليل ثقة وبرهان صداقة، واصفا التعثر الذي شهدته العلاقات بين البلدين ب «الرعونة غير محسوبة العواقب من الجانب الفرنسي». وينتظر أن تدافع كريستيان طوبيرا عن مشروع القانون في الجمعية العمومية يوم الثلاثاء المقبل، بعد مصادقة لجنة الشؤون الخارجية عليها، بعد مناقشات طويلة أجرتها مع لوران فابيوس خلال الأيام القليلة الماضية . يذكر أن اتفاق التعاون القضائي الفرنسي تعثر لأزيد من سنة كاملة على خلفية الأزمة الدبلوماسية والأمنية التي اندلعت بين الرباط وباريس، بعد أن سقطت العدالة الفرنسية في فخ الفرنسي من أصول مغربية الملاكم زكريا المومني، واستدعت عبد اللطيف الحموشي رئيس مديرية مراقبة التراب الوطني السابق، ومدير المديرية العامة للأمن الوطني والمكتب المركزي للتحقيقات القضائية الحالي، الذي اتهمه المومني بتعذيبه، وهي الاتهامات التي رد عليها المغرب جملة وتفصيلا مظهرا عدم حجيتها القانونية وخلوها من الصحة.