اصبحت ايرلندا السبت اول بلد يجيز زواج المثليين باستفتاء، مديرة ظهرها للتقاليد المحافظة التي تمثلها الكنيسة الكاثوليكية التي بذلت كل الممكن لمنع اقراره ووقف تراجع تاثيرها على المجتمع الايرلندي. وافادت نتائج نشرتها السبت القناة الوطنية للتلفزيون (اي تي اي) ان 62,3 بالمئة ايدوا اجازة زواج المثليين في 40 من ال 43 دائرة انتخابية مما لا يدع مجالا لفوز رافضي زواج المثليين.
بذلك تصبح ايرلندا الدولة التاسعة عشرة في العالم والرابعة عشرة في اوروبا التي تشرع زواج المثليين. لكنها الوحيدة التي فعلت ذلك من خلال استفتاء في حين اجازته بقية الدول عبر البرلمان. وصرح وزير الصحة ليو فارادكار "انه حدث تاريخي"، معتبر ان الاستفتاء يشكل "ثورة ثقافية" في بلد ظل لفترة طويلة محافظا ولم يلغ عقوبة المثلية الا في 1993.
وصرح وزير الدولة لشؤون المساواة اودهان او ريوردين في تغريدة "انا فخور جدا لانني ايرلندي اليوم"، فيما احتفل ايرلنديون من كل الاعمار في شوارع دبلن بالنتائج.
وقال نويل ساتن البالغ 54 عاما امام مركز لفرز الاصوات "انه نصر كبير للمساواة في ايرلندا، وسيسجل في تاريخ البلاد".
ولكن حتى قبل صدور النتائج، اعترف أحد المسؤولين عن حملة لا، مدير معهد ايونا ديفيد كوين بهزيمة معسكره. وايونا هي مجموعة للدفاع عن مصالح الطائفة الكاثوليكية. وقال كوين لتلفزيون ار تي اي الايرلندي "هذا انتصار واضح لمعسكر نعم". واضاف ان معسكر نعم قد فاز في اقتراعين من ثلاثة، "وبكل موضوعية هذا انتصار كبير لنعم"، مقدما "تهانيه" لمؤيدي زواج المثليين.
في العاصمة الايرلندية، حيث قصر دابلن الذي فتح استثنائيا امام الجمهور، تجمع المئات من المويدين لزواج المثليين رافعين اعلاما بألوان قوس قزح احتفالا بالفوز. وصرحت الايرلندية كارن بريدي البالغة 27 عاما متاثرة "ايرلندا تغيرت. قبل عدة سنوات ما كان هذا الامر ليلقى قبولا"، مشيرة انها اتت من كندا خصيصا للتصويت.
ويتيح الاصلاح الدستوري الذي ايده الناخبون الايرلنديون "زواج شخصين دون اعتبار الجنس"، ويفترض ان يسري في الصيف، وان تنظم اولى عقود القران مع نهاية العام. لكن هذا النص لا علاقة له بالتبني المجاز للازواج المقترنين والافراد العازبين. وافاد التلفزيون ان المشاركة في الاستفتاء الجمعة اتت مرتفعة وفاقت 60% ما يعكس الاهتمام بهذه الاستشارة التي اثارت نقاشات حامية كشفت تساؤلات المجتمع الايرلندي في وجه التقاليد المحافظة للكنيسة الكاثوليكية.
وفي مبادرة رمزية علقت لافتات تحمل عبارة "المساواة للجميع" الجمعة في دبلن قرب منزل اوسكار وايلد السابق، الاديب الذي سجن بسبب مثليته في بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر. ويساند المشروع معظم القوى السياسية الكبرى في البلاد، ومنها حزب فاين غايل، حزب رئيس الوزراء اندا كيني. ويساند المشروع ايضا معظم المشاهير في عالم الرياضة والموسيقى والسينما، كالمغنية شاينيد اوكونور.
ودعا فريق الروك الايرلندي يو تو عبر موقع انستاغرام للصور الى التصويت لصالح الزواج المثلي ونشر رسالة "باسم الحب...#صوتوا_نعم" في اشارة الى احدى اشهر اغانيه. في المعسكر المقابل، اكدت الكنيسة الكاثوليكية والمحافظون ان الزواج يجب ان يكون بين شخصين من جنسين مختلفين بهدف تأسيس أسرة. لكن تاثير الكنيسة التي تمتعت بنفوذ كبير سابقا واصل انحساره نتيجة اضطرابات اقتصادية واجتماعية، ولو ان الاجهاض ما زال محظورا الا في حال تهديد حياة الام. كما انها تدفع ثمن قضايا التعديات الجنسية على اطفال التي تورط فيها كهنة، وقام مسؤولون في الكنيسة احيانا بالتغطية عليها. وقال ديارمويد مارتن اسقف دبلن "اعتقد انه على الكنيسة ان تفتح عينيها" بخصوص تطور المجتمع معتبرا ان المؤسسة الدينية تواجه تحديا يكمن في "معرفة كيف تعبر عن رسالتها". وكانت ايرلندا، البالغ عدد سكانها اليوم 4,6 ملايين نسمة، شرعت الطلاق في العام 1995 معاكسة موقف الكنيسة كذلك. واعتبر كولم اوغورمان المسؤول في منظمة العفو الدولية، ان التصويت بنعم يوجه "رسالة أمل كبيرة الى المثليين، ضحايا الاضطهاد في جميع انحاء العالم".