في خطوة جريئة تشكل تحديا للأعراف، لا تتردد بعض النساء في الارتباط برجال أصغر سنا، ليقابل هذا القرار باستهجان المجتمع. الأستاذ علي الشعباني* يوضح سبب رفض هذا النوع من الزيجات داخل المجتمع، كما يوضح الفارق العمري الذي يمكنه دفع الزيجات نحو النجاح أو الفشل. * لماذا يرفض المجتمع أن تكون الزوجة أكبر من زوجها؟ **لأن المرأة في نظر المجتمع رهينة بالسن، خاصة أن فكرة الزواج ترتبط بمسألة الانجاب. ومن المعلوم أن حظوظ المرأة في الانجاب تقل كلما تقدمت في السن، على عكس الرجل الذي يكون متحررا من هذا الضغط. لذا نلاحظ أن المجتمعات ذات الفكر التقليدي تصر على تزويج بناتها مباشرة بعد سن الرشد، لأنها في أوج مرحلة خصوبتها وشبابها. بالمقابل نجد أن غالبية الرجال لا يقبلون على الارتباط بنساء يكبرنهم في السن، لاعتقادهم أن الحياة الجنسية ستكون أقصر عمرا في هذه الحالة، حيث تعجز المرأة بعد مدة عن تلبية حاجيات زوجها. هذه الأشياء تدفع المجتمع المغربي ومثيله من المجتمعات الأخرى أن لا ينظر بارتياح الى ذلك الزواج الذي تكون فيه الزوجة أكبر من زوجها. إضافة إلى مسألة الخصوبة نجد أن جمال المرأة يذبل ، وتذهب جاذبيتها وهي أمور لها أهميتها داخل المجتمعات العربية الاسلامية التي تعطي للسن أهمية كبرى، على عكس المجتمعات الأخرى التي تقل حساسيتها اتجاه فكرة السن. كما أن المجتمع يتخوف من هذه العلاقة ،لأنه تعود أن تكون المرأة الاكبر من زوجها صاحبة شخصية قوية، تملي عليه أوامرها، وتكون لها مكانة أقوى داخل الأسرة، كم أنها تسير زوجها وتتحكم في بيتها بالشكل الذي لا نجده في الأسر التي يكون فيها الزوج هو الأكبر سنا، وهذا ما يدفع بالكثيرين لرفض هذه العلاقة واستهجانها. * لماذا تعطي المجتمعات العربية الاسلامية أهمية للسن في الوقت الذي كان النبي وهو القدوة متزوجا من السيدة خديجة التي تكبره بسنوات؟ ** زواج الرسول يبقى حالة غير قابلة للتعميم على جميع الناس، خاصة أن زواج النبي عرف حالة معاكسة تمام وهي زواجه من السيدة عائشة التي تصغره بعشرات السنين، وهي حالة لا يمكن أبدا اعتبارها مثال يحتذى به. بالمقابل نجد أن ما تعودنا عليه وفقا للثقافة السائدة في المجتمعات العربية الاسلامية هو الرفض التام لفكرة الارتباط بين امرأة و رجل يصغرها في السن، باعتبار أن المرأة الكبيرة تكون أقرب للهرم، مما يعني غياب المتعة المرجوة من هذا الارتباط. مما يدفع الزوج إلى التفكير في الارتباط مرة أخرى، وأحيانا يكون ذلك بإيعاز من الزوجة التي تشعر أنها لم تعد قادرة على تحمل تبعات الارتباط برجل يصغرها سنا. * لماذا تكون الطبقات الفقيرة أكثر تشددا اتجاه هذه العلاقة؟ ** لأن العائلات الميسورة لها فرص كثيرة للاختلاط مع مجتمعات منفتحة، وثقافات وتجارب أخرى، وهنا تعطى قيمة كبيرة للوعي، فبقدر ما يكون الانسان واعيا، بقدر ما يكون منفتحا ومتفهما و متقبلا لمثل هذه القرارات التي تتجاوز ما هو متعارف عليه، لاعتبارات شخصية قد تكون خاضعة لحساب المشاعر أكثر، في حال ما رأى الشاب في المرأة التي تكبره، رفيقة مناسبة. أما الفئات الفقيرة والشعبية فمعلوم أن وعيها محدود، وتكبلها العادات والتقاليد الموروثة، مما يجعلها تحت ضغط المجتمع وعاداته لذلك يكون مستوى الرفض لديها أعلى من الفئات المنفتحة والواعية، * ما هو فارق السن الذي يمكن تقبله لنجاح مثل هذه الزواج؟ ** عادة لا يجب على الفارق أن يتعدى عشر سنوات، لأن التقارب في السن يعني ان الزوجين من نفس الجيل، بمعنى أنهما عاشا نفس التجارب والأفكار الرائجة مما يمهد للتقارب بينهما، لأن هذا الفارق المحدد في عشر سنوات، سيسمح لهما بالوقوف على نفس الأرضية مما يعني تقاربا في الأفكار والطموحات والأهواء والأذواق، فيحصل نوع من التوافق والانسجام المساعد في خلق استقرار الحياة الزوجية. لكن حينما يكون الفارق أكثر من 10 سنوات، يكون الزوجان من مراحل عمرية مختلفة، وهذا من شأنه التأثير على نجاح العلاقة، خاصة في ظل التطورات التي تعرفها المجتمعات الحديثة، و هي تطورات سريعة وعميقة أحيانا، لذلك كلما تباعدت السنوات بين الزوجين كلما كانت نسبة الفشل أقوى، في حين تكون حظوظ النجاح أوفر كلما تقاربت السنوات. وهناك العديد من الرجال الذين تزوجوا من نساء أكبر منهم بفوارق صغيرة وكانت زيجاتهم ناجحة دون أن تجد معارضة من المحيط لأنه فارق لا ينتبه له في الغالب. أستاذ في علم الاجتماع* حاورته سكينة بنزين