لم تبال الأحزاب السياسية، على مايبدو، بالنداءات المتكررة بعدم إعطاء التزكيات للأشخاص المتورطين في ملفات للفساد، فما كان من وزارة الداخلية إلا أن كلفت أجهزتها بالمسألة، وذلك عندما أعطت الأوامر لأطرها المكلفين بتلقي الترشيحات لانتخابات ال25 من نونبر الجاري بالوقوف في وجه كل الذين وردت أسماؤهم في ملفات تحوم حولها الشبهات ويريدون مع ذلك الدخول إلى مجلس النواب أو العودة إليه. لا مكان لأصحاب سوابق الفساد على اللوائح المقدمة برسم الانتخابات التشريعية المرتقبة، شعار تصر وزارة الداخلية على تنزيله إبان استحقاقات الجمعة الأخيرة من الشهر الجاري، لكن كيف سيعالج رجال الوزير الطيب الشرقاوي المسألة في ظل عجز بعض الأحزاب السياسية عن تحقيقها ؟ بعدما أصدرت وزارة الداخلية تعليمات صارمة للولاة والعمال من أجل الحرص على أن تمر العملية الانتخابية المرتقبة في ظروف تضمن شروط التباري النزيه بين المرشحين، بادرت إلى إشعار عدد من الراغبين في الترشح بضرورة تسوية كل مشاكلهم القانونية والضريبية قبل آخر أجل لوضع الترشيحات، كما نصحت المشتبه في تورطهم في قضايا فساد بالابتعاد عن هذه الاستحقاقات. مصادر مطلعة، أكدت ل«الأحداث المغربية» أن وزارة الداخلية، وبعد اجتماع لدائرة أطرها المكلفين بالعملية الانتخابية، أصدرت، ليلة عيد الأضحى، أوامرها إلى كافة رجال الإدارة الترابية على مستوى العمالات والأقاليم من أجل « الاتصال بالمرشحين الذين سبق أن وردت أسماؤهم في ملفات الفساد وحثهم على سحب ترشيحاتهم أو عدم التقدم بها أصلا ». ليس الأمر رجاء، تنتظر الداخلية أن تنتصر لأجله ضمائر أصحاب السوابق، ولا هو خيار بين أيديهم لمن أراد أن يلتزم به، بل هى أوامر واجبة التطبيق «وإلا ستتم مواجهة المفسدين الذين أصروا على الترشح بملفاتهم». بعد «الاتصال بالأحزاب السياسية وتزويدها بمختلف المعلومات والتوضيحات الضرورية من أجل التدقيق في مسألة التزكيات وعدم منحها لمن وردت أسماؤهم في ملفات سابقة للفساد»، أوضحت المصادر نفسها أن « وزارة الداخلية وجدت نفسها مضطرة إلى سلوك هذا الطريق «بعدما لم تجد آذانا صاغية من أجهزة الأحزاب التي لم يلتزم بعضها بعدم ترشيح المفسدين ». عطلة العيد لم تمنع السلطات المحلية في عدد من العمالات والأقاليم من أخطار مجموعة من الراغبين في الترشح للانتخابات التشريعية، المقررة في 25 من الشهر الجاري، ومواجهتهم ب «ضرورة تسوية وضعياتهم القانونية، وملفاتهم القضائية، قبل التاريخ المحدد لنهاية وضع الترشيحات، تفاديا لرفض ملفات ترشيحهم، بدافع عدم تسوية الوضعيات المذكورة» توضح المصادر المذكورة، كاشفة أن المصالح الأمنية، في عدد من المدن المغربية أبلغت الأشخاص المعروفين بتورطهم في جرائم فساد، ب«عدم تقديم ملفات الترشح للانتخابات المقبلة، كإشعار استباقي لهؤلاء الأشخاص بأن ملفاتهم لن تقبل من طرف السلطات المعنية». وهى تأمر الذين جاءت أسماؤهم في ملفات الفساد من بعيد أو من قريب بعدم الترشح، وتصر على فتح تلك الملفات في حال عدم التزام أصحابها بالابتعاد عن معترك الانتخابات التشريعية، فإن وزارة الداخلية « تؤكد إصرارها على عدم ترك أبواب الترشيح مفتوحة في وجه هؤلاء الأشخاص وذلك في سياق سعي الدولة إلى المزيد من تخليق الحياة السياسية، من خلال تدابير عملية تهدف إلى تطهير العملية الانتخابية من الظواهر السلبية التي من شأنها المساس بمشروعية أول انتخابات تجرى في عهد الدستور الجديد. ياسين قُطيب