استأثرت قضية وضعية النساء بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا باهتمام خاص من قبل المشاركين في اجتماع "مبادرة كلينتون العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا"، أمس الخميس بمراكش، حيث دعوا إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات لإرساء "مناخ" ملائم لضمان مشاركة واسعة للنساء في جهود التنمية بهذه المنطقة. وخلال جلسة عامة حول موضوع "النساء في طليعة الابتكار" أدارتها شيلسي كلينتون نائبة رئيس مبادرة كلينتون العالمية، أكد خبراء ورؤساء مقاولات ومسؤولو منظمات غير حكومية أن بلدان المنطقة لا يمكنها الاستغناء عن جهود النساء، مما يفرض على كل استراتيجية للتنمية إتاحة فرصة الاندماج الكامل للنساء في كافة القطاعات الاقتصادية. واستنادا إلى إحصائيات تفيد أن مقاولات صغرى ومتوسطة عبر العالم تديرها نساء تتطور بسرعة وتساهم في خلق مزيد من فرص الشغل والثروات، أكدت شيلسي أن تكلفة تهميش النساء تعد باهظة حيث تقدر بتريليونات من الدولارات بالبلدان السائرة في طريق النمو. وقالت، في هذا السياق، إن تحقيق رهانات التنمية يتطلب توحيد الجهود (القطاع العام والخاص والفاعلين بالمجتمع المدني والمانحين) من أجل تحقيق اقلاع اقتصادي وإرساء مناخ ملائم لضمان مشاركة النساء في عالم الأعمال والمقاولة ووفي مجال الابتكار. وأضافت شيلسي كلينتون أن إرساء هذا المناخ سيتيح بالدرجة الأولى، توسيع ولوج النساء للتعليم واستفادتهن من التكوين وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة، كما أن الأمر يتعلق أيضا، حسب قولها، بتحسين ولوج النساء للتمويلات والتكوينات المهنية وللأسواق من أجل دعم روح المقاولة النسائية. ودعا في هذا السياق، رئيس مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية عثمان بن جلون، في تدخل له في هذه الجلسة، إلى الالتزام من أجل تحقيق هذه الأهداف وخاصة من قبل عالم الأعمال والمقاولة. وأضاف أن النساء يمثلن 47 في المائة من الطاقم المشرف على تسيير هذه المجموعة البنكية التي تشهد نموا كبيرا على المستوى الدولي وتحتل مكانة متميزة ضمن الأبناك الرائدة بالقارة. كما ألح بنجلون على أهمية انخراط المقاولة في جهود تعليم الفتيات الذي يعد استثمارا هاما بالنسبة لمستقبل أية أمة، مشيرا في هذا السياق، إلى أن مبادرة كلينتون العالمية أبانت عن قدرتها في دعوة وإقناع جميع المقاولات بالعالم إلى تخصيص نسبة واحد في المائة من أرباحها لمجال تعليم وتكوين الفتيات. من جهتها، أبرزت زينب سالبي الرئيسة المؤسسة ل "وومن فور وومن أنتريناشيونال"، الصعوبات التي تعترض النساء في بناء مسارهن المهني وتحقيق تطلعاتهن وطموحاتهن بمنطقة الشرق الأوسط بسبب "معيقات ثقافية". وأضافت أنه بالرغم من تحسين ولوج الفتيات للتربية (أزيد من 60 في المائة من الحاصلين على الباكالوريا ببعض البلدان فتيات)، فإن استفادة النساء من فرص الشغل بمنطقة الشرق الأوسط ليست على قدر من المساواة ذلك أنهن لا يشكلن إلا ثلث المندمجين في سوق الشغل. واعتبرت أن هذه الوضعية تتطلب تعبئة كافة الفاعلين من أجل محاربة جميع أشكال التمييز ضد المرأة وبذل جهود للتحسيس بهدف تطوير العقليات وترسيخ مقاربة النوع، فضلا عن الإقدام على مزيد من المبادرات والشراكات للنهوض بروح المقاولة النسائية بهذه المنطقة من العالم. من جانب آخر، قدم عدد من المتدخلين، ضمنهم مسؤولو منظمات غير حكومية ورؤساء مقاولات، تجارب ناجحة وأفكارا مبتكرة في مجال النهوض بوضعية النساء بالبلدان السائرة في طريق النمو عن طريق خلق مشاريع صغرى والتحلي بروح المبادرة. وأبرزوا أن لقاء من قبيل اجتماع مبادرة كلينتون العالمية يشكل مناسبة لتقديم مزيد من الالتزام لفائدة اندماج النساء في النسيج الاقتصادي وإبرام شراكات ذكية تهم مشاريع ملموسة تستلهم وتقدم نموذجا ناجحا لإرساء "مناخ ملائم" يضمن مشاركة النساء في النسيج الاقتصادي. وتميز هذا الاجتماع المنظم حول موضوع "من أجل تقاسم الفرص والمسؤوليات والرخاء بالعالم برمته"، بمشاركة ثلة من الشخصيات العالمية من القطاعين العام والخاص ورؤساء مقاولات كبرى ومنظمات غير حكومية وفاعلين من المجتمع المدني بهدف فتح نقاش من مستوى عال حول الأشكال الجديدة للشراكة لدعم التنمية وتحفيز الابتكار وتحقيق الازدهار والرخاء للجميع.