AHDATH.INFO - خاص الجبهة الوطنية في فرنسا حكاية تستحق التأمل. الأمر يتعلق بحزب يتبنى الشعارات اليمينية المتطرف، يبني مسارات كلها على شعارات شعبوية تدغدغ مشاعر العاطلين والفقراء والمتضررين من الوضع، ويصر على أن يبني أسطورته على حكاية أن كل الأحزاب الأخرى فاسدة وأنه وحده لم يضع يده يوما في طبق السلطة لذلك هو نظيف، ولذلك هو اختيار يستحق أن يصوت عليه الفرنسيون. هاته الأيام يعيش حزب الجبهة الوطنية على وقع الخلاف الشديد بين رئيسه الشرفي ووجهه الأبرز جان ماري لوبين، وبين ابنته ورئيسته الفعلية والحالية مارين. صراع الأب والابنة لم يعد يفاجئ أحدا، حتى وإن وصل الإثنين إلى حد إعلان مارين تعليق عضوية أبيها (رئيس الجبهة الشرفي) في حزبها. سبب الصراع بسيط للغاية: مارين تريد أن تحكم، ولا تريد أن تعيش فقط بعبعا للأحزاب التقليدية الفرنسية. جان ماري من جهته كان دائما متأكدا أنه لن يصل إلى الحكم، وأنه سيظل فقط المزعج الأبدي للحزبين اليميني واليساري الكبيرين، كلما حلت انتخابات في فرنسا، وأنه سيظل دائما الصوت الذي يصل بسهولة إلى الفرنسيين المتضايقين من كل شيء بدء من الهجرة، ووصولا إلى الإسلام مرورا بالبطالة وتقهقر المعيشة وبقية الأشياء. مارين من جهتها فهمت أن الوقت يتيح لها ما لم يتحه لأبيها: أن تصل يوما إلى الحكم، وفهمت أنها من أجل الوصول إلى هذا الأمر عليها أن تزيل الوجه القبيح للجبهة: أن تزيل وجه أبيها، أن تنسي الناس العنصرية، وحكومة بيتان والتعاون مع النازية، والهجوم على الديانات اليهودية والمسلمة. لذلك هي اليوم بصدد القتل الحقيقي للأب، وليس القتل الرمزي فقط، ولذلك هي تعود عن كثير من قناعات جبهتها التي كانت تتبناها حتى وقت قليل مضى من أجل عيون ذلك الذي يغير كل شيء في الناس: الكرسي والمنصب. سنة 2017 ربما لن تكون مارين رئيسة لفرنسا. لكن في الانتخابات التي ستليها الكثيرون يقولون إن ماريون ماريشال حفيدة جان ماري ستكون مؤهلة لعديد الأشياء، وأنها ستسير في اتجاه تقنية مارين لإخفاء الوجه الحقيقي للجبهة وإظهار الوجه القابل للحكم فقط. أي تشابه بين متطرفي فرنسا وبعض متطرفي البلدان الأخرى هو طبعا مجرد ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق. أصلا لاشبه في الموضوع. على الأقل لنحاول إقناع أنفسنا بهذا الأمر، ولنقل إنهم هم لديهم الجبهة، أما هنا فالبعض لديه «السنطيحة» والسلام.
المختار لغزيوي شارك هذا الموضوع: * اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة) * شارك على فيس بوك (فتح في نافذة جديدة) * اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)