انطلقت، ليلة الخميس بالريصاني، فعاليات الدورة الواحدة والعشرون لملتقى سجلماسة لفن الملحون "دورة السلطان مولاي عبد الحفيظ"، الذي تنظمه على مدى أربعة أيام وزارة الثقافة بشراكة مع عمالة إقليمالرشيدية. وقال وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي ، في افتتاح هذه التظاهرة الثقافية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إنه انطلاقا من التراكم الذي تم تحقيقه من خلال تنظيم هذا الملتقى فإن الوزارة عازمة وفق الاستراتيجية التي وضعتها على مواصلة صون هذا التراث اللامادي والتعريف به وتطويره من خلال دعم شعرائه ومنشديه وعازفيه وتوثيقه والبحث عن السبل الكفيلة لإبراز قيمته وغناه، مضيفا أن هذا الملتقى يشكل في جوهره محطة للاتقاء اهل فن الملحون لتبادل التجارب والاطلاع على ما جد من ابداعات. وأبرز أمين الصبيحي، في كلمة تليت بالنيابة عنه، أنه من أجل ترسيخ هذا الملتقى الثقافي والفني "واصلت وزارة الثقافة السعي الى المزاوجة بين الفعل الابداعي والفكري داخل المهرجان" وذلك من خلال الرفع من عدد الاجواق المشاركة خلال دورة هذه السنة ، مشيرا الى ان الحفاظ على هذا الفن التراثي لن يتأتى الا من خلال تضافر جهود كافة المتدخلين وخاصة أهل هذا اللون الشعري. من جهته، أكد عامل الاقليم محمد الزهر، أن هذه التظاهرة الثقافية اصبحت تترسخ كتقليد سنوي يروم المحافظ على احدى ابرز الابداعات التراثية المحلية مع اظهار خصوصياته وغناه وتكريم رواده ، مضيفا ان فن الملحون يشكل رافدا من روافد الثقافة المغربية ويختزل كل مقوماتها ويلامس كل القضايا الانسانية في تجلياتها المختلفة. وأبرز، في هذا الاطار، أهمية الاعتناء بهذا الموروث الثقافي وتوثيقه وتدوينه باعتباره يشكل فنا شعريا وغنائيا وانشاديا ، يختزل تلاقح الثقافة المغربية في مختلف تجلياتها مشيرا إلى أن هذا الملتقى يشكل مناسبة لتسليط الضوء على هذا اللون الابداعي والاسهام في احيائه باعتباره يشكل رمزا من رموز الهوية الثقافية بالمنطقة وقيمة مضافة بالنسبة للسياحة الثقافية بالاقليم. وشكل الحفل الساهر خلال اليوم الأول من هذا الملتقى مناسبة لمحبي هذا الفن الأصيل لتجديد عرى الروابط مع ثقافته واكتشاف غنى هذا التراث الذي تزخر به منطقة تافيلالت التي تعتبر، في الاصل، مهد فن الملحون. وقد استمتع الجمهور الحاضر بالأداء المتميز لمجموعة "جوق مكناس" برآسة الحاج محمد الوالي مع المنشدين خالد الادريسي وحياة بوخريص و عبد الكريم صادقي الذين أدوا قصائد امتزجت فيها الجمالية والمتعة. وتميز حفل الافتتاح بتكريم بعض الوجوه البارزة في فن الملحون اعترافا بما قدموه من اعمال ومساهمات قيمة في هذا المجال مثل الأستاذ عبد الله الشليح الذي ترأس سنة 1974 جمعية "هواة الملحون" بمراكش، فدافع عن تدريس الملحون بالمعاهد الموسيقية ، كما ساهم في تنظيم أول مؤتمر وطني لرجال الملحون بمراكش في ماي 1980 ، الى جانب مساهمته في توجيه عدد كبير من الطلبة ممن تفرغوا في إطار بحوثهم الجامعية للأدب الشعبي بصفة عامة وفن الملحون خاصة، فكانت خزانته الخاصة تكمل دور خزانات الكليات في هذا الباب، موجها ومؤطرا. أما الوجه الاخر الذي حظي بالتكريم فهو محمد السوسي الذي برز في أوساط فن الملحون مند ثمانينات القرن العشرين، كمنشد يتوفر على صوت رنان، وأداء منظم وأداء حسن التعبير ومؤثر في السامعين أهله للمشاركة في العديد الأنشطة والتظاهرات المحلية والوطنية والدولية. وتشكل كل دورة من دورات الملتقى الذي يندرج في اطار استراتيجية وزارة الثقافة الرامية المحافظة وصيانة فن الملحون والتعريف به واعتبارا للقيمة التي تكتسيها منطقة تافيلالت في الوجدان المغربي كونها تعد مهدا لهذا الفن العريق، وقفة للتأمل والتفكير في مستقبل هذا الفن التراثي بين المحافظة والتطوير وذلك من خلال ابتكار سبل أكثر نجاعة للتعريف به وتعميمه وصيانته وتوثيق قصائده وتكريم شيوخه و أعلامه. وستنظم على هامش هذا الملتقى ندوة علمية في موضوع " الملحون واقع وآفاق " تشارك فيها نخبة من الأساتذة والباحثين المختصين.