عض المدن الصغيرة والقرى القريبة من مدنهم أصبحت هي الملجأ والحل للعديد من الشبان والشابات في المدن الكبرى للحصول على فضاءات للقاء الحميمي بعدما أعيتهم لقاءات المقاهي والحدائق العمومية وأصبح من سابع المستحيلات إيجاد مكان يوفر الحميمية لهؤلاء الشبان بعيدا عن الأعين المتلصصة. وجود بيوت توفر لحظات آمنة لهؤلاء الشبان لا يعني أن هذه المدينة أو تلك القرية تحمل وصمة العار ولا يعني إلصاق صفة معينة بها ولا يعني تفشي الظاهرة في كل المدينة بل هي حالات متفرقة ومعزولة. في محطة أولاد زيان للحافلات بالدارالبيضاء أو في موقف الطاكسيات الكبيرة بالعوينة بحي المعاريف في نفس المدينة وصباح كل سبت أو أحد يقف عشرات الشبان والشابات في ثنائيات يتبادلون أطراف الحديث، ويراقبون المارة بعيون متفحصة، في انتطار وسيلة نقل تقلهم إلى الجديدة أو إلى أزمور بحثا عن «برتوش» أو فضاء أو مكان يقضين فيه لحظات متعة بعيدا عن الأعين المتلصصة بعدما أصبح من الصعوبة بمكان ايجاد أربع حيطان تأويهم للحظات في مدينة الدار البيضاء بعيدا عن المقاهي والحدائق العمومية. الأمر لا يقتصر على الدارالبيضاء بل يمتد إلى العديد من المدن الكبرى الأخرى وخاصة مراكشوفاس ومكناس وغيرها ولكل هذه المدن أماكن مجاورة لها تكون مقصدا وملجأ لهؤلاء. البيضاويون يلجأون إلى الجديدة وأزمور والمراكشيون يكون مقصدهم إلى منتجع «أوريكا» أو منتجع «مولاي ابراهيم» أو «أربعاء تيغدوين» أو «باراج للا تكركوست »أما شباب فاس ومكناس فيجدون ضالتهم في الحاجب أو أزرو أو عين اللوح في حين أهل الرباط تكون الوجهة إلى تيفلت أوالخميسات. أزمور حضن البيضاويين ! بمحاذاة محطة الطاكسيات بالعوينة بحي المعاريف بالدار البيضاء دنت «كوثر» من سيارات الأجرة الكبيرة، عندما سمعت أصحابها ينادون لعدة وجهات. وقفت برهة بجانب أحد بائعي الصحف، ثم فجأة وصل إلى أذنها اسم أزمور الذي كانت تنتظره. صعدت سيارة الأجرة وانتظرت قليلا حتى وصل العدد إلى ستة أفراد، انطلقت بعدها السيارة إلى وجهتها. في الطريق إلى أزمور التي لابد أن تمتد ساعة من الزمن لعبور ثمانين كيلوميتر. كانت المسافة تبدو بعيدة بالنسبة ل«هند» التي كانت تتحين اللحظات التي تصل فيها إلى ملاقاة صديقها الذي سبقها ممتطيا حافلة انطلقت من محطة أولاد زيان في اتجاه الوجهة المقصودة وذلك احتياطا من أي يشاهدا معا. . أخيرا وصلت إلى وجهتها في مدينة أزمور، وقبل أن تتوجه نحو البيت الذي اعتادت كراء إحدى غرفه لقضاء لحظات متعة مع صديقها وعملا بمقولة «حجة وزيارة » اتجهت رأسا إلى ضريح «مولاي بوشعيب الرداد». ولجت الضريح فانبهرت «هند» بتلك الجموع من النساء المتحلقات على قبر مولاي بوشعيب، من هن من أخذ النوم منها مأخذا بجوار القبر وأخريات تبكين وتترنحن وهن ممسكات بالشباك الأخضر تضرعا إلى دفين الضريح ل«تسكام السعد وقضاء الحاجة». وسط هذه الأجواء قامت «هند» بزيارة ضريح «مولاي بوشعيب» وبعدما وضعت «شي بركة» في يد الشيخ السبعيني «مقدم» الضريح طالبة منه الدعوة لها بالسعد والتوفيق غادرت مسرعة في اتجاه درب «أرشيش» في بيت مترامي في زاوية لم يكتمل بناءه بعد، طرقت هند بابا خشبيا متهالكا عدة طرقات وقبل أن تفتح سيدة في الخمسينات الباب على مصراعيه سألت الطارق: -« شكون انت؟ -أجابت الشابة: «أنا كوثر» -«شكون كوثر؟» -ردت الشابة من جديد: «أنا البيضاوية اللي تنجي مع صاحبي من كازا». -«آنت هي لتتجي مع رشيد واخا دابا نفتح ليك». دلفت الشابة ردهة وضع في وسطها لحاف قديم وجلست في انتظار قدوم صديقها بالأكل والمشارب التي تكفيهم طيلة النهار. كوثر عانت لسنوات طويلة من العنوسة التي لازمتها، وهي الآن تخطوا للإقتراب من سن الأربعين ولابارقة أمل تنقذها من وصمة “البايرة” وغمز ولمز الحاسدات، ورغم وظيفتها كتقنية في مؤسسة عمومية ورصيدها “المعتبر” في البنك»، إلا أنها لم تجد بعد فارس أحلامها الذي ينقذها من هذا الكابوس. وفي انتظار الذي يأتي اتخذت قرارها وهو أن لا تحرم جسدها من الإرواء ولم تجد إلا زميلا لها في العمل متزوج ارتبطت معه في علاقة أولها وآخرها الجنس، لكن في مكان بعيدا عن الأعين في مدينة أزمور التي أصبحت مقصدا لكل البيضاويين الراغبيين في اقتناص لحظات حميمية مع صديقاتهم بعيدا عن أعين الفضوليين. ما إن يتراءى أي وافد جديد على المدينة الصغيرة قرب الجديدة وخاصة على طول الطريق الممتد من محطة الحافلات والطاكسيات الكبيرة في اتجاه ضريح مولاي بوشعيب تتهافت نساء متربصات في العديد من النقط بالزائرين ويبدأن قي عرض خدماتهن: «شي محل للكرا، لخاصك آزين كل شي موجود» فيما تبادر الأخرى: «كاينين دريات صغارات فتاوة، ولا إلى معاك صاحبتك كاين محل مفنن وهاني. «عين ماشافت وقلب ماوجع»! المراكشيون الراغبون هم أنفسهم في لحظات متعة بعيدة عن الازعاج يجدون ملاذهم في عدة مدن وقرى صغيرة من قبيل مولاي ابراهيم، أربعاء تيغدوين، أوريكا وباراج للا تكركوست، هي مواقع تتواجد في محيط المدينة الحمراء على بعد بضعة كيلومترات. كل وسائل النقل توصل إليها سواء حافلات النقل العمومي أو الطاكسيات الكبيرة في الوقت الذي يفضل الغالبية من المراكشيين الانتقال إليها من خلال الدراجات النارية. من الأماكن التي يقصدها المراكشيون للبحث عن أوكار للراحة، ضريح “مولاي ابراهيم طير الجبال” وهو الضريح الموجود في جماعة مولاي ابراهيم التابعة لعمالة الحوز على مرتفعات الأطلس الكبير لا يبعد عن مدينة مراكش إلا ببضع كيلومترات، يعرف توافدا للكثير من الزوار على مدار السنة مع ارتفاع نسبة المترددين عليه في عطلة الصيف ومعروف عليه الإقبال خاصة من الزوار البيضاويين ومهاجرو الخارج وضريح مولاي ابراهيم الموجود في وسط السويقة لا يختلف كثيرا عن باقي الأضرحة التي تلجأ إليها النساء الراغبات في الزواج وإزالة «العكس» وتمهيد الطريق إلى عش الزوجية وينضاف إليهن النساء المصابات بالعقم والراغبات في الذرية. مولاي ابراهيم المعروف لدى العامة من الناس سواء مراكشيون أو غيرهم ب«طير الجبال» هو منطقة جبلية جميلة، ما إن تصل إليها حتى يستقبلك العشرات من الرجال والنساء وحتى أطفال عارضين خدماتهم حول غرف للراحة أو المبيت. بعض هؤلاء الوسطاء وفي وسط الزحام الموصل إلى السويقة يوصل إليك كلمات من قبيل إلا جايب معاك صاحتبتك مرحبا بيك عندي ليك بيت مبرع، العديد من الشباب المرقوف بصديقته أو عشيقته وبثمن لايتعدي 30 درهما في الأوقات التي لاتعرف اقبالا على مولاي ابراهيم يمكن أن يقضي ساعات طويلة في أمن وأمان دون إزعاج. ثاني مكان يجذب الشباب المراكشي «أربعاء تيغدوين» قرية صغيرة تتواجد على بعد حوالي 20 كيلومتر من مراكش في الطريق المؤدية إلى ورزازات. بعد تجاوز المنطقة المعروفة ب«الشويطر» هناك منعرج على اليمين وبعد السير في طريق غير معبدة وفي وسط تيغدوين يتواجد «عوينة» للمياه المعدنية أصبح محجا للعديد من ساكنة المدينة ومن باقي أنحاء المغرب للتبرك بمياه المنبع الذي انتشرت الأقاويل بشفائه للعديد من الأمراض وفي المقدمة مرض الكلي والمعدة والضعف الجنسي وغيرها من الأمراض. في الطريق بين مراكشوورزازات على مقربة من جماعة أيت أورير أربعاء تيغدوين القرية الصغيرة وبعدما كانت تعيش الاهمال والتهميش تحولت حياتها الاجتماعية والاقتصادية بعد اكتشاف «العوينة»، فأصبحت محجا لآلاف الزائرين مما استدعي من الساكنة قتح بيوتها للكراء الزائرين وإقامة مطاعم في الهواء الطلق ومن تلك الفترة أصبحت مكانا يلجأ إليه العشاق لكراء غرف وقضاء ساعات من اللقاءات الحميمية وكأنهم زوار للمنبع والعودة بعدها إلى مراكش عين «ماشافت وقلب ماوجع». آزرو وسيدي عدي يجتذبان شبان فاس ومكناس مدينة أزور الصغيرة في الأطلس المتوسط أصبحن ملاذا للعديد من ساكنة فاس ومكناس والباحثين عن مكان لتلاقي بعيدا عن الأعين المتلصصة، أحياء القشلة وتيط احسن وسيدي عسو هي الأحياء التي تقدم خدمات في هذا الصدد. فقر ساكنة هذه الأحياء وطيبوبتهم لاتسمح لهم بالسؤال عن الطالب لخدماتهم بل يفتحون بيوتهم مشروعة لاستقبال كل الوافدين الذين يتم استقدامهم من قبل وسطاء من محطات الطاكسيات الوافدة على المدينة من كل الاتجاهات. على بعد عشرة كيلومترات من أزرو توجد قرية «سيدي عدي» وهي قرية فقيرة تابعة لجماعة سيدي المخفي. في هذه القرية الصغيرة والجميلة لايمكن للمرء أن يتيه أو يجد صعوبة في إيجاد ملجأ للمتعة أو غرفة لقضاء ساعات من المتعة. إلى جانب مدينة آزرو وقرية سيد المخفي تأتي قرية عين اللوح والتي يتوافد عليها الزائرين سواء في أحياء تيزي أو القشلة أو أيت بوفلا.