الشرطة المعروفة لدى المغاربة باسم «كرواتيا» تعود إلى شوراع المدن. هذا الظهور مرة أخرى لدوريات أمنية تتحرك في كوكبة من الدرجات النارية وسيارة في المقدمة. تجوب بسرعة بطيئة الأحياء الشعبية «درب درب وزنقة زنقة»، ليست استنساخا فعليا لتجربة «لعنيكرى» المدير السابق للأمن الوطني، بل هي مجرد تخيل لما مضى وأماني آنية، عبر عنها مجموعة من الشباب على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، حيث أحدثوا مؤخرا صفحة خاصة من أجل المطالبة بعودة شرطة القرب.فبالرغم من أن هذه الفرق الأمنية، التي كان يلقبها عامة الناس على سبيل التفكه ب«كرواتيا» تشبيها لها من حيث الزي لشرطة هذا البلد الأوروبي، بينما اختار لها آخرون اسم «لهدية» من باب السخرية على طريقة طوافها في الشوارع، لم تكن آنذاك تلقى أي استحسانا أو رضى عن خدماتها في تحقيق الأمن للمواطنين ومحاربة الجريمة اليومية، إلا أن الحنين إليها من طرف «الفايسبوكيين» له كما جاء في تعاليقهم أسباب ودواعي أمنية، تتجلى من خلال آرائهم المعلنة على صفحات الموقع في تنامي مظاهر الإجرام كالسرقة والاعتداءات البدنية وترويج المخدرات. هؤلاء المطالبون بالرجوع إلى تجربة شرطة القرب لا يخفون أن هذا النموذج شابته نقائص وتجاوزات في طريقة عمله، ولكنهم يتمون إعادة النظر في الموضوع بأسلوب ونظام وقوانين جديدة، تضع مصالح الشرطة في موقع العمل بجهد ونجاعة للحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة المجريمين في الفضاءات العامة من خلال التدخل السريع في عين المكان، بالإضافة إلى المساهمة في تجاوز حالة الفوضى، التي تعرفها كل مدن المملكة نتيجة ترامي الباعة على الملك العمومي وقطعهم للطرقات. هذه الأماني «الفيسبوكية» التي يحاول أصحابها من وجهة نظرهم البحث عن حلول شكلية لعودة الأمن والطمأنينة إلى الشوارع، تقابلها معطيات رقيمة عن جهاز الأمن الوطني لا تكفي في الوقت الحالي لتطبيق الفكرة بالصورة المطلوبة، حيث أن عدد رجال الأمن ما زال أقل من المتوسط مقارنة بالدول المجاورة. فالمغرب لا يتوفر إلا على بضعة آلاف م رجال الأمن لساكنة تعادل 30 مليون نسمة.