يثير جهاز محمول صغير لتعقب الاتصالات الهاتفية تستخدمه الشرطة الأميركية بشكل سري منذ سنوات قليلة جدلاً في الولاياتالمتحدة في ما يتعلق بالخصوصية والحقوق. ويتثمل الجدل الدائر في القلق بشأن مدى انتهاك استخدام هذا الجهاز للخصوصية وللدستور الأميركي بشأن حقوق الأفراد والمواطنين، ذلك أن حصول الشرطة على هذا الجهاز يمنعها، بموجب اتفاقية مع الشركة المصنعة له، من الكشف عن أي شيء على الإطلاق يتعلق بهذه التقنية، وهو ما حصل بالفعل. وبرر مكتب التحقيقات الفيدرالي هذا الأمر بأنه الكشف عن التكنولوجيا المستخدمة في الجهاز قد يسمح للمجرمين والإرهابيين بالتحايل عليه. الأمر المهم هو أن الشرطة والأجهزة الأمنية الأميركية تستخدم الجهاز بشكل سري، بحيث أن الناس لا يدرون عنه، ولا عن مدى انتهاكه للخصوصية، كما أن الشروط "القاسية" الموضوعة للحصول عليه تدفع إلى الاعتقاد بوجود ما يثير المخاوف حقاً بشأن الخصوصية واحتمال أنها تنتهك الدستور بصورة كبيرة. والجهاز أو الأداة الصغيرة التي نحن بصددها التي يطلق عليها أحياناً اسم "سمكة الراي اللاسعة" أو "سمكة الأسقمري الملكي" أو عموماً "محاكي الشبكة الخلوية". وهو عبارة عن قطعة مستطيلة الشكل وصغيرة بما يكفي لوضعها داخل حقيبة، ويمكنه تعقب أجهزة الهواتف الخلوية واعتراض والتقاط شارات الهاتف بالعمل كبرج اتصالات. كذلك تتيح التقنية المستخدمة في هذا الجهاز الصغير أن تلتقط الرسائل النصية والاتصالات والبريد الإلكتروني وغيرها من البيانات. ويأتي هذا الجهاز إلى جانب أجهزة أخرى تستخدمها سلطات إنفاذ القانون مثل كاميرات الفيديو الرقمية وأجهزة قراءة لوحات السيارات وطائرات المراقبة الصغيرة (الدرون) وغيرها من البرامج التي يمكنها القيام بمسح مليارات البيانات والتسجيلات الهاتفية وأجهزة استشعار إطلاق الرصاص. أما ما يثير الخشية أكثر من هذا الجهاز بالتحديد فهو أنه يمكنه أن يقوم بمسح بيانات واعتراض كل الاتصالات والرسائل النصية والبريد الإلكتروني في المنطقة بأكملها وليس في مكان محدد فحسب أو هاتف محدد فقط. وبحسب التقرير في صحيفة "ذي نيويورك تايمز"، فإن الادعاء العام حصل على مذكرة باستخدام هذه الأجهزة أيضاً لهذه الغايات. وقال العميل الخاص لمكتب التحقيقات الفيدرالي برادلي موريسون في شهادة له أمام المحكمة إن الكشف عن مواصفات التكنولوجيا المستخدمة سيتيح للمجرمين، بمن فيهم الإرهابيين التحايل على استخداماتها. وأضاف أن الكشف عن بعض التفاصيل أيضاً سيتيح لهم معرفة باقي التكنولوجيا، لكنه اعترف في شهادة أخرى أن الجهاز يتيح جمع البيانات من هواتف حتى المشاة والأشخاص المستهدفين وغير المستهدفين في المنطقة، وأنه يمكن تسجيلها بصورة غير مقصودة. كما تفيد بأن الشرطة تستخدم هذا الجهاز منذ سنوات، في حين أن الأموال المستخدمة في الحصول عليه فإنها من دافعي الضرائب ومنح من الحكومة الاتحادية ووزارة الأمن الداخلي وغيرها. ونظراً لطبيعة اتفاقية عدم الكشف عن المحتوى، فإنه من الصعب مدى ونطاق استخدام هذه التكنولوجيا، لكن المعلومات الأولية تفيد بأنها تستخدم على نطاق واسع بدءاً من لوس أنجلوس في الجنوب الغربي حتى نيويورك في الشمال الشرقي، مروراً بويسكنسن.