تتويجا لمسار علمي وبحثي طويل في عوالم الموسيقى المغربية والعربية، تم مساء الأحد خلال حفل افتتاح فعاليات الدورة الثانية لأيام قرطاج الموسيقية التي تحتضنها تونس إلى غاية 21 مارس الجاري، تكريم الباحث المغربي في المجال الموسيقي، عبد العزيز بن عبد الجليل، الذي منحت له هذه الدورة "جائزة زرياب" التكريمية رفقة عدد من الفنانين من تونسوالعراق واليونان وفرنسا. ويعد تكريم الباحث المغربي في تظاهرة موسيقية عريقة من حجم أيام قرطاج الموسيقية، التفاتة تقدير واعتراف بمسار رائد ومشروع بحثي علمي متواصل، بلا كلل، منذ عقود، يشتغل على مساءلة أصول التراث الموسيقي المغربي الأندلسي والعربي، والنبش في مناهله ومنجزاته. وأعرب بن عبد الجليل ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عقب تسلمه جائزة الدورة ، عن بالغ سعادته واعتزازه بهذا التكريم ، مضيفا أن "حصولي على جائزة زرياب تشريف لي ولكل باحث مغربي يضطلع بالبحث والاهتمام بالموسيقى المغربية على وجه الخصوص والأغنية العربية بشكل عام". واعتبر بن عبد الجليل خلال الحفل ، الذي احتضنه المسرح البلدي بالعاصمة التونسية، أن هذا الاحتفاء "وشاح ، وفي نفس الوقت قيد يحثني على المواظبة ومواصلة مسار البحث في الميدان الموسيقي"، مهنئا أصدقائه الباحثين المهتمين بالتراث الموسيقي المغربي بهذا التكريم الذي يشكل "احتفاء بهم كافة". يشار إلى أن الباحث بن عبد الجليل ،العضو بالمجمع العربي للموسيقى واتحاد كتاب المغرب، له العديد من المؤلفات التي تعنى بالمجال الموسيقي، من بينها "التربية الموسيقية لمعلمي المدارس الابتدائية" (1966)، و"مدخل إلى تاريخ الموسيقى المغربية"( 1983)، و"الموسيقى المغربية الأندلسية – فنون الأداء" (1988)، و"معجم مصطلحات الموسيقى الأندلسية المغربية"( 1992) ، و"المشترك في مجال النغم والإيقاع بين المغرب والشعوب الإفريقية المجاورة" ( 1995)، و"مدخل إلى تاريخ الموسيقى المغربية" (2000). وبرز بن عبد الجليل محققا لأمهات التأليف الموسيقي، حيث حقق كتابي "إيقاد الشموع للذة المسموع بنغمات الطبوع" لمحمد البوعصامي الصادر عن أكاديمية المملكة المغربية سنة 1995 و"أغاني السقا ومغاني الموسيقى أو الارتقاء إلى علوم الموسيقى" للشيخ إبراهيم التادلي الصادر عن أكاديمية المملكة سنة 2011. وكان مدير الدورة حمدي مخلوف ، قد أوضح في ندوة صحفية لتقديم برنامج الدورة الثانية في وقت سابق ، أن الجائزة ، التي تم إحداثها خلال هذه السنة ، تتوج من خلالها شخصيات فنية وعلمية اعتبارا لمسيراتها ومساهماتها الفعالة في مجالات الإبداع والبحث العلمي والمحافظة على الموروث الموسيقي المتوسطي. وكرمت أيام قرطاج بالمناسبة الفنان زياد غرسة من تونس، وجون دورينغ من فرنسا، وعلي الإمام من العراق، وميكيس تيودوراكس من اليونان، فضلا عن منح الجائزة لروح الفقيدين صالح المهدي الملقب بزرياب، وجوليان فايس من فرنسا. وكانت الدورة قد انطلقت وسط أجواء احتفالية بكرنفال من الموسيقى التقليدية وعروض فرجوية (طبالة وفرق موسيقية من جميع أنحاء تونس) في وسط شارع الحبيب بورقيبة التاريخي، قبل أن تفتتح فعاليات الدورة بشكل رسمي بالحفل الذي احتضنه المسرح البلدي ، والذي أبدع خلاله الفنان التونسي منير الطرودي بعرض فني ملحمي بعنوان "ناقوز". وتتضمن أيام قرطاج الموسيقية، التي تعود بعد غياب دام أكثر من أربع سنوات، عدة فقرات منها المسابقات الرسمية (16 عرضا) التي أوكلت رئاسة لجنة تحكيمها إلى الفنان اللبناني مارسيل خليفة. ومن المنتظر أن تشهد هذه الدورة حضور عدد من ضيوف الشرف، على غرار الفنان صباح فخري والفنانين راغب علامة ولطيفة العرفاوي وريم البنا. ويتضمن برنامج الدورة أيضا عروضا موسيقية موازية (21 عرضا) إضافة إلى "صالون الصناعات الموسيقية" الذي سيعرف مشاركة عددا من المتدخلين المباشرين في الصناعات الموسيقية بتونس من صانعي الآلات الموسيقية ومصلحيها وبائعيها ، إضافة إلى مصنعي المعدات الصوتية وبائعي الكتب والكراسات الموسيقية، وكذا ورشات تكوين وحلقات نقاش.