دخل النزاع في سوريا أمس الاحد عامه الخامس بكارثة انسانية متفاقمة ونظام متمسك بالسلطة ومستمر في قمعه الوحشي في مواجهة مجموعات مسلحة مشتتة من المعارضة بينما باتت الاسرة الدولية منشغلة بفظائع تنظيم الدولة الاسلامية. ودانت منظمات غير حكومية دولية هذا الاسبوع "فشل" حكومات العالم في ايجاد مخرج للحرب التي اودت حتى الآن بحياة اكثر من 215 ألف شخص ودفعت نصف السكان الى الهرب خلال اربع سنوات. وصورة التظاهرات السلمية التي بدأت في 15 مارس 2011 انتهت منذ فترة طويلة. فالحراك ضد النظام تعسكر في مواجهة القمع الى ان تحول حربا معقدة بين القوات السورية ومختلف المجموعات المسلحة المعارضة وتنظيمين متطرفين احدهما "الدولة الاسلامية". اما الجهود الدبلوماسية فتراوح مكانها بعد جولتين من المفاوضات بين النظام والمعارضة لم تسفرا عن اي نتيجة تذكر. وقد تخلى موفدان خاصان عن مهمتهما بينما يحاول الثالث من دون جدوى التوصل الى تجميد القتال في حلب كبرى مدن الشمال السوري. وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويؤكد انه يعتمد على شبكة من الناشطين على الارض، فان 215 الفا و518 شخصا قتلوا خلال نزاع مستمر منذ اربع سنوات، حوالى ثلثهم من المدنيين ومن بينهم اكثر من عشرة آلاف طفل. ومن المرجح ان تكون الحصيلة اكبر من ذلك اذ ان مصير عشرات آلاف المفقودين يبقى مجهولا. ويثير عجز الاسرة الدولية عن وقف حمام الدم شعورا بالمرارة والتخلي لدى السوريين الذين يواجهون بحسب الاممالمتحدة "اخطر وضع انساني طارئ في عصرنا". وفر نحو اربعة ملايين شخص من سوريا، لجأ اكثر من مليون منهم الى لبنان. وحذرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة من "المنعطف الخطير" الذي تتخذه الازمة لان حوالى مليوني سوري تقل اعمارهم عن 18 عاما "يمكن ان يصبحوا جيلا ضائعا". وداخل سوريا نفسها هناك اكثر من سبعة ملايين نازح بينما يعيش نحو ستين في المئة من السكان في الفقر. وقد دمرت البنى التحتية مما ادى الى نقص حاد في الكهرباء والمياه وحتى المواد الغذائية في المناطق المحاصرة. ووفق المرصد السوري لحقوق الانسان، فان نحو 13 الف سوري قضوا تحت التعذيب داخل معتقلات النظام السوري منذ بدء النزاع في مارس 2011. وما زال عشرات الآلاف معتقلين في سجون الحكومة وكثيرون آخرون مفقودين. وبالرغم من الاستياء الدولي من العدد الكبير لضحايا ما يعتقد انه سلاح كيميائي استخدمه النظام في منتصف العام 2013، فان الرئيس السوري بشار الاسد لا يزال وربما اكثر من اي وقت سبق متمسكا بالسلطة. وتعزز قواته من سيطرتها على ضواحي العاصمة دمشق ومدينة حلب، من بين آخر معاقل المجموعات المعارضة. ومجموعات المعارضة المسلحة تلك تبدو مشتتة اكثر من اي وقت مضى اذ اضعفها التفوق العسكري للقوات النظامية التي تستهدفها بالبراميل المتفجرة وتتلقى الدعم من حلفاء من الخارج مثل حزب الله اللبناني. ونفى الاسد استخدام قواته لتلك البراميل المتفجرة بالرغم من الادلة المقدمة من قبل مجموعات غير حكومية عدة. اما الدول الغربية التي طالبت برحيل الاسد عن السلطة في العام 2011 فاصبحت اليوم اقل حدة تجاهه اذ انشغلت بصعود تنظيم الدولة الاسلامية، الذي ينظر اليه اليوم على انه التنظيم الارهابي الاكثر خطورة والاكثر تمويلا في العالم. وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري قال بوضوح ان اولوية واشنطن اليوم هي الاطاحة بتنظيم الدولة الاسلامية. وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) جون برينان الجمعة ان واشنطن قلقة من من ان يفتح "انهيار" الحكومة السورية الطريق امام سيطرة الاسلاميين. ومنذ منتصف العام 2014 تقود الولاياتالمتحدة تحالفا دوليا لقتال التنظيم المتطرف الذي اعلن "الخلافة الاسلامية" على الاراضي التي سيطر عليها في العراقوسوريا. وساعدت الغارات الجوية لقوات التحالف المقاتلين الاكراد على طرد التنظيم من بعض المواقع الواقعة في شمال سوريا، وخصوصا مدينة كوباني (عين العرب) على الحدود مع تركيا. وبرغم ذلك يحافظ تنظيم الدولة الاسلامية على قوته ويسعى الى اضفاء هالة عليها عبر بث اشرطة فيديو تظهر اعدامه للمدنيين والصحافيين والعاملين الانسانيين. واثارت تلك الاشرطة التي اتسمت بالوحشية استياء واسعا حول العالم. ويجذب تنظيم الدولة الاسلامية آلاف المقاتلين من الخارج، من بينهم الكثير من الغربيين، ما اثار الخشية من سعي هؤلاء الى شن هجمات فور عودتهم الى بلادهم. وفي محاولة جديدة من اجل التوصل الى حل سياسي، تنظم موسكو، حليفة الاسد، في ابريل جولة جديدة من المحادثات، المشكوك بنتائجها، بين ممثلين عن النظام في دمشق وآخرين عن جزء من قوى المعارضة. ولكن لا يبدو ان سوريا سترتاح من ازماتها في اي وقت قريب والامل بالسلام يبقى هزيلا.