في حوار عبد السلام بودرار رئيس الهيئة المركزية للوثاية من الرشوة هل بنظركم القانون المصادق عليه يقدم الحماية الكافية للشهود؟ إن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة تعتبر هذا القانون خطوة مهمة في مجال الملاءمة مع مقتضيات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد من جهة، وآلية أساسية، ضمن آليات أخرى اقترحتها الهيئة، لإذكاء دينامية جديدة في تشجيع أفراد المجتمع على التبليغ عن جرائم الفساد، والإدلاء بشهاداتهم أمام القضاء بكل حرية وتجرد ودون خوف. ويمكنني التأكيد بأن منظور الهيئة المركزية في التقييم الموضوعي للآليات القانونية المعتمدة في مجال مكافحة الفساد يدفع إلى القول بأن الحماية الواردة في هذا القانون تعتبر في الوقت الراهن مكسبا قيما يوفر ضمانات مسطرية قضائية تتميز بالإيجابية في التعامل مع التبليغ عن أشكال الفساد. كما هو ملاحظ على مستوى تمكين الضحية المتضرر من الانتصاب كمطالب بالحق المدني، وعدم متابعة الموظف تحت طائلة إفشاء السر المهني في حالة تبليغه عن أفعال فساد بلغت إلى علمه أثناء مزاولته لوظيفته، فضلا عن التدابير الأخرى المتعلقة بإخفاء الهوية وتخصيص أرقام هاتفية خاصة وتوفير الحماية الجسدية، مع الحرص على ضمانات الدفاع في ما يتعلق بمبدإ التواجهية مع الشهود. ومن منظور الهيئة المركزية دائما، أؤكد على أن النصوص القانونية يمكن أن تعتريها بشكل عام نقائص قد تظهرها الممارسة والتطورات المتسارعة للجريمة، حيث تحتفظ الهيئة، في تعاملها مع كل النصوص ذات الصلة ومن بينها هذا النص القانوني، بصلاحياتها في تقييم وقعه وفعاليته على أرض الواقع ورصد مواطن قصوره للتقدم باقتراحات تعديله إذا دعت الضرورة لذلك. ماهي الصعوبات التي يطرحها تطبيق القانون على أرض الواقع إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يقال عن عدم ثقة المواطن المغربي في النظام القانوني؟ يمكن القول بأن الصعوبات التي تعترض تطبيق مختلف القوانين الجديدة تظل على العموم متطابقة، حيث تبرز صعوبة التأقلم السريع مع متطلبات التغيير، لأن كل ترسيخ لقيم ومبادئ جديدة يُواجَه عادة بمقاومة وتشنج، اعتبارا لكون المواطنين تحكمهم في الغالب عادات وتقاليد وثقافات متجذرة تستدعي انخراطا تدريجيا في الممارسة التحديثية التي يستوعبها القانون. لذلك، يتعين توجيه الجهود بشكل خاص نحو استثمار آليات التبليغ والإخبار بمقتضيات هذا القانون ضمانا للانخراط الجماعي المطلوب في ديناميته. كما يتوجب أيضا اضطلاع الحكومة بملاءمة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المتعلقة بالسر المهني مع مقتضيات الحماية التي نص عليها هذا القانون بالنسبة للموظفين في هذا المجال، مع ما يقتضيه كل ذلك من تحسيس وتعبئة وتعريف بمختلف الضمانات المخولة. هل سيساهم القانون المصادق عليه حاليا في الحد من الرشوة؟ من منظور اقتناع الهيئة المركزية بالأهمية التي يكتسيها فضح ممارسات الفساد والتبليغ عنها في منظومة مكافحة هذه الآفة، يمكن التأكيد على وجاهة الدور المنتظر من هذا القانون في الحد من الرشوة إذا توفرت شروط الانخراط الجماعي التي تضمن التجاوب الفاعل من طرف كل المعنيين مع مقتضياته. وهنا أثير الانتباه إلى ضرورة توجيه الجهود بشكل خاص نحو تجاوز المعضلة المتعلقة بصعوبة الإثبات في قضايا الفساد التي تساهم في كبح مبادرة التبليغ لدى المواطنين، والتصدي للمعالجة غير الملائمة للشكايات التي لا تحفز على التشكي، ثم مواجهة إشكالية الجهل بطرق التظلم الذي يقابله تقصير كبير من طرف الإدارات على مستوى التواصل، فضلا عن التعبئة التحسيسية والتواصلية الشاملة المطلوبة في هذا المجال.