«المناسبة ليست مجرد رئاسة افتتاح دورة تشريعية عادية، وإنما هي لحظة قوية... ما يقتضي من كل الفاعلين في هذا التحول الحاسم، تحمل مسؤوليتهم كاملة... بروح الثقة والوضوح، والغيرة الوطنية الصادقة»، لم يكن صدى كلمات جلالة الملك قد غادر قاعة الاجتمعات العامة حيث ألقى جلالته الخطاب الافتتاحي للدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية، عندما اختار غالبية نواب الأمة التغيب عن أولى جلساتها. كان جلالة الملك يهم بمغاردة مقر مجلس النواب من البوابة الرئيسية، عندما أخذت قوافل النواب ،مساء الجمعة الماضي، في التسلل من الباب الخلفي بعدما أتوا على الأخضر و اليابس من المأدبة التي خصهم بها جلالة الملك، ولم يتبق منهم عند حلول موعد الجلسة العامة في الثامنة مساء إلا النزر القليل. «واه حتى التمنية»، « واش بغاونا نباتو هنا» حجج النواب المغادرين كانت كثيرة والهدف واحد: الوفاء لعادة الغياب، حتى في الجلسة الأولى للدورة . وهي تبرمج جلسة عامة مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية كانت الحكومة تعول كثيرا على الحضور الكثيف للبرلمانيين من أجل تمرير قانونين تنظيميين يشترط الدستور الجديد الأغلبية للمصادقة عليهما. لكن يبدو أن صدمة وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، والوزير الملكف بالعلاقة مع البرلمان إدريس لشكر كانت قوية عند دخولهما إلى قاعة الاجتمعات العامة بعد أقل من ثلاث ساعات نهاية الخطاب الملكي ، عدد النواب الحاضرين قليل جدا، ولا يمكن، والحالة هذه، تقديم القانون التنظيمي لمجلس المستشارين ولا القانون النتظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الجهوية . في حضرة الغياب ضيعت الحكومة فرصة الجلسة الافتتاحية من أجل الوصول بالقانونين المذكورين إلى بر المصادقة. كيف لا ؟ و المادة 85 من الدستور الجديد تنص على أنه « إذا تعلق الأمر بمشروع أو بمقترح قانون تنظيمي يخص مجلس المستشارين أو الجماعات الترابية، فإن التصويت يتم بأغلبية أعضاء مجلس النواب» . لذلك، و ما إن طلعت شمس أول أمس السبت حتى بادر رئيس الحكومة عباس الفاسي إلى استنفار أغلبيته البرلمانية، استدعى إلى مقر رئاسة الحكومة كل من وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان إدريس لشكر، بالإضافة إلى رؤساء الفرق البرلمانية بمجلس النواب، ليتم الاتفاق خلاله على إدراج القانونين المذكورين للتصويت في الجلسة العامة غدا الثلاثاء، وسط مطالبات لرؤساء الفرق من وزير الداخلية بضرورة التشدد مع المتغيبين من النواب. رغم ذلك تمكنت الحكومة، ليلة الجمعة، من إحراز مصادقة مجلس النواب على مقترح قانون يغير ويتمم القانون رقم 11-36 المتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها بعد إخضاعها للمعالجة المعلوماتية، الذي يهدف إلى إعداد الهيئة الناخبة المدعوة للمشاركة في اقتراع 25 نونبر 2011 بمدة كافية قبل الدخول في مراحل العملية الانتخابية المقبلة. ياسين قُطيب