«17 سنة من الضياع. 17 سنة من اللامبالاة. 17 سنة بدون حياة. باغي نبدا حياة جديدة». كانت رسالة علال البالغ 36 عاما اختطها بيده لخص بها معاناته مع إدمان الماحية لمدة 17 عاما. وبكى بكاء حارقا على حالته، بعد الانتهاء من كتابتها «ضيعت بزاف من حياتي، وضيعن ناس خرين معايا..».المشهد مقتطف من الحلقة الأولى لبرنامج «افتح قلبك» على القناة الثانية. حلقة بكائية ومؤثرة، اختار طاقم البرنامج موضوعين قويين الإدمان ومعاناة أم مع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. قصة علال كانت درامية بالفعل، ووصلت دراميتها إلى حد الشك أن والدته كانت تمثل، ولا تتصرف على طبيعتها. كل مشاهدها كانت حقا مؤثرة. عواطفها كأم غير راضية عن حال ابنها، كان لها أبلغ الأثر في تصرفها أمام الكاميرا، وعوض أن يتعاطف المشاهد مع حالة علال، قد يتعاطف مع حالتها أكثر، إذ ظلت تنهار بالبكاء كلما شاهدت ابنها وهو يمسك قنينة بلاستيكية مليئة بالماحية «عييت أبنتي والله تعييت ما بقا ليا قد ما فات، الأب تفقص عليه مات. أنا اخرج علي ولى فيا مرض السكر والضغط كان فيا 75 كيلو بالفقصة كيوليت. نخدم عليه لي بقا ليا في حياتي غير ما يشرب» تقول الأم وهي تبكي. بداية حكاية علال مع الإدمان، كانت صدمة عاطفية تسبب فيها فشل مشروع زواج نتيجة ظروف وعراقيل وضعها الأقارب في طريقهما، وجد نفسه بعدها مرميا في بحر الإدمان، وتغيرت حياته رأسا على عقب. حاصل على شهادة جامعية في التجارة، لكنه عاطل منذ 17 عاما بعد فقدان عمله في مؤسسة بنكية، جرب السفر إلى أوربا، وعاد بخفي حنين، والسبب دائما واحد الإدمان «في هذه اللحظة شعرت أنه ما بقاش عندي أمل في الحياة أو مابقاوش عندي أهداف» الكلام لعلال. طرق الكوتش فيصل الحافظي باب منزله صباحا، وجده في انتظاره، ورائحة الخمر كانت تنبعث منه، فسر سلوكه بقوله «هاد النشاط ما تيكونش إيلا ماكنتش شارب..»، ردت عليه الأم، وهو يهيء وجبة بالمطبخ «ما تيعجبنيش منين تيكون هكا». الكوتش فيصل الحافظي، أقنع علال في الأخير بضرورة الخضوع للعلاج، وحدد له مراحل ينبغي اتباعها بدايتها كانت حصة الرياضة صباحا، لنكتشف أنه حاصل على الحزام الأسود الدرجة الأولى في تاي جيتسي، زارا طبيبة مختصة في علاج الإدمان، وطمأنته أن حالته غير متأخرة، ويستطيع التغلب على إدمانه. وفي آخر مشهد يتصالح علال مع نفسه، ويقرر خوص معركة لاستعادة شخصيته الطبيعية، ويطلب السماح من والدته في نهاية مؤثرة لعرض حالته... الربورطاج الثاني كان لحالة الأم فاطمة، ومقاساتها مع إعاقة ابنها عمر، عمر مصاب بإعاقة ناتجة عن تشوه في العمود الفقري اسمها السكوليوز، لا يستطيع الأكل أو الشرب أو اللباس دون الاستعانة بأمه، لم تعد تذوق طعم الحياة، ولا تعرف لها أي معنى، حياتها أصبحت ملكا لابنها، «تنعاني قبل ما يعاني عمر باش ما يحس بأي معاناة..حياتي كحلة . ما بقاتش عندي حياة...» تقول فاطمة وهي تبكي. وما يحز في نفسها أكثر نظرات الناس واستهزاؤهم من حالة عمر. لهذا السبب انعزلت في زاوية بيتها الضيق، ولم تعد تحضر لا في مناسبات الأفراح، ولا الجنائز. وروت قصة وقعت لها أثناء مهرجان الزهور بالمحمدية «كنت أنا وعمر تنتفرجو في المهرجان واحد السيدة تتشوف فينا من هاد الجهة، وتتعاود تدور للجهة الأخرى، حب الاستطلاع غادي يسطيها، وسولاتو وليدي ما عندكش ليدين، جاوبها علاش ما عنديش ها هما، لا وليدي ما عندكش، وهو يقولها شتي نتي ما عدكش هذا «يعني العقل»». الدكتورة أمل شبش رافقت الأم فاطمة، وعبر جلسات ثلاثة أيام أخرجتها من وحدتها القاتلة، وربطت لها علاقات مع أمهات يعانين المعاناة نفسها، وقررت أم عمر بعد انفتاحها على حالات أمهات آخرين تأسيس جمعية خاصة بالمعاقين من صنف ابنها. فكرة البرنامج كما شرحها منشطه الرئيسي رشيد حمان «الحديث مع الناس وطرح قضايات تهم المجتمع المغربي في قالب يمزج بين الإفادة والمتعة، حتى لا يتسرب الملل إلى المشاهد طيلة 52 دقيقة». البرنامج اعتمد أساسا على مفهوم الكوتشينغ أي المرافقة أمل شبش طبيبة متخصصة في المشاكل النفسية والأمراض الجنسية. فيصل الحافظي المتخصص في التنمية الذاتية والحياة الشخصية العملية سيرافقان على مدى عشرين حلقة في الموسم الأول جميع الحالات. طاقم البرنامج يضع النقط على الحروف من الآن، لن يقدم حلولا جذرية لأي مشكل، دورهم ينتهي عند وضع المعني بالأمر في بداية الطريق، يقدمون له الآليات والأسلحة لمواجهة المشكل بنفسه « ثلاثة أيام أو يومين مع صاحب الحالة لا تكفي، نوعيه بطبيعة المشكل أولا حتى يبدو له الأمر واضحا نمكنه من الأدوات ونقول له فيق شمر على سواعدك وحل المشكل لوحدك». كما قال رشيد حمان.