كان جمهور المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، على موعد، مساء الاثنين، مع عرض فيلمي "كاريان بوليود" لياسين فنان و"الأوراق الميتة" ليونس الركاب. وبذلك أتاح اليوم الثالث للمسابقة الرسمية للأفلام الطويلة برسم الدورة 16 للمهرجان متابعة مسار مخرجين شابين وهما يخوضان مغامرة الفيلم الطويل الأول بعد عدة تجارب في الفيلم القصير والأعمال التلفزيونية. ومنح الفيلمان الفرصة لمشاهدة تجربتين سينمائيتين مختلفتين، حيث راهن ياسين فنان على تقديم عمل يطرق أفق الفانتازيا الكوميدية، التي لا تخلو من بعد درامي، بل ومأساوي، في حين يقترح يونس الركاب فيلما يشتغل على حالة سيكولوجية معقدة مغلفة في إطار من التشويق البوليسي. في "كاريان بوليود" يضع ياسين فنان الكاميرا في قلب حي صفيحي هامشي، لتصوير حكاية شاب، يتيم الاب، مهووس بعالم السينما الهندية، وحالم بأن يصبح نجما سينمائيا على خطى نجوم بوليود، من خلال انجاز فيلم بأدوات "محلية الصنع" وبالاعتماد على حلول ترقيعية ساذجة بتعاون مع صديق من أبناء الكاريان. إنه حلم ينمو في سياق كوميدي لكن على خلفية سوسيو-اقتصادية بئيسة يجسدها الوضع المادي والاجتماعي المتدهور في الهامش الحضري، الذي لا يمنع من المثابرة من أجل تحقيق أحلام شبع مستحيلة. كتب سيناريو الفيلم (102)، عن فكرة للمخرج نفسه، ألكسيس كارو، وشخص أدواره الرئيسية سهيل نواز قريشي وأمل الأطرش وعادل أبا تراب وراوية وإدريس الروخ. أما في فيلم "الأوراق الميتة"، الذي شارك في الدورة المنصرمة لمهرجان سلا لفيلم المرأة، فينسج الركاب فصول دراما نفسية تعيشها الشابة "زهرة" التي تسقط في فخ اضطرابات انفصامية عميقة في الشخصية، تقودها إلى ارتكاب جريمتي قتل في حالة غياب كامل للإدراك. والحال أن زهرة، التي تبدو في يومياتها مواطنة عادية، تعمل أستاذة رقص وتحظى بالاحترام، تخفي سرا وجوديا رهيبا يتمثل في وجه انتقامي قاتل نجم عن ضغط معاناة رهيبة من الظلم. ولعب أدوار الفيلم (119 دقيقة) سناء بحاج وربيع القاطي وياسمينة زاكي مسعودي وحسناء المومني. وإن تباينت ردود فعل النقاد والمهتمين تجاه الفيلمين الطويلين للركاب وفنان، فإن ارتياحا سجل لدى المتابعين إزاء انخراط المخرجين الشباب في خيارات فنية وموضوعاتية متنوعة واعتماد رؤى اخراجية مختلفة تغني المتن السينمائي المغربي وتعزز انفتاحه على مختلف الأجناس. يذكر أن المسابقة الرسمية للفيلم الطويل في مهرجان طنجة الذي يتواصل الى غاية 28 فبراير الجاري، تعرف مشاركة 15 فيلما طويلا، تم اعتمادها لأول مرة عن طريق مسطرة الانتقاء.